بطاقة الهوية قضية أخرى مؤرقة في زمن الحرب باليمن

> تقرير/ زينب ضبع

> كيف تعيش آلاف اليمنيات دون بطاقة هُوية؟
في محافظة رَيمة صغيرة المساحة، التي تقع على بعد مئتي كيلومتر غرب العاصمة صنعاء، تعيش أفراح الجماعي، 45 عاما، مع عائلتها.
وقد تمكنت أفراح لأول مرة منذ أقل من عام من الحصول على بطاقة هُوية، بمساعدة مؤسسة رَيمة للتنمية والاستجابة الإنسانية، شريكة صندوق الأمم المتحدة للسكان في المحافظة.

وتروي أفراح معانتها لبي بي سي نيوز عربي قبل استخراج بطاقة هويتها قائلة: "كانت تواجهني صعوبات. فإذا كانت هناك حوالة مالية مسجلة باسمي، كنت أضطر إلى استخدام بطاقة زوجي أو أخي. كما أنني كنت لا أستطيع السفر بمفردي واضطر إلى اصطحاب زوجي، حتى لا يسألني أحد عن بطاقة هُويتي".

أما آمنة وهي أيضا من محافظة ريَمة فتقول إنها لم تملك ما يكفي من المال لاستخراج بطاقة هُوية وتضيف قائلة: "استخرجت البطاقة الشخصية وعمري 35 عاما عندما أتت إلينا منظمات المجتمع المدني وساعدتني في استخراجها".
وتتذكر آمنة العثرات التي واجهتها قبل استخراج البطاقة وتقول: "عندما ذهبت إلى المحكمة للحصول على ميراثي لم يمنحوني إياه بسبب عدم امتلاكي بطاقة هُوية. حتى منظمات الإغاثة رفضت تسجيل اسمي للحصول على مساعدات إنسانية دون بطاقة".

وتقول دينا لبي بي سي إنها حصلت على البطاقة في سن العشرين، وأردفت قائلة: "في البداية لم يكن بمقدوري استخراج بطاقة بنفسي. الوضع لم يكن يسمح. نحن كنا نازحين وجئنا من محافظة الحديدة إلى محافظة ريَمة. وحين كانت تُرسل لنا حوالات بريدية عبر أي مركز بريد، كان يرفض القائمون على المركز تسليمي الأموال".

وترغب دينا بعد استخراجها البطاقة في استكمال تعليمها الجامعي إذا تحسنت أوضاعها المالية.
وتقول أشجان الوادعي، 20 عاما، إنها حصلت رفقة والدتها التي تبلغ من العمر 35 عاما على بطاقة هُوية في الآونة الأخيرة بعدما تكفلت مؤسسة رَيمة للتنمية والاستجابة بتكاليف إصدارها كاملة.

تزوجت أشجان في سن صغيرة وهربت، منذ عام، إلى منزل والديها بسبب سوء معاملة زوجها له. وترغب أشجان بعدما استخرجت البطاقة في اللجوء إلى القضاء للحصول على الطلاق. وتقول والدة أشجان لبي بي سي إنه "الآن بمقدور ابنتها أن تمارس حياتها بشكل طبيعي وتستكمل تعليمها الثانوي وتعمل لأنها تزوجت عندما كانت تدرس في الصف التاسع".

محافظة رَيمة من بين المحافظات التي تحتل المرتبة الأولى في اليمن من حيث أعداد النساء اللواتي لا يمتلكن بطاقات هُوية.
وفي نوفمبر الماضي، قال صندوق الأمم المتحدة للسكان إن الآلاف من النساء في اليمن يعشن بدون بطاقات هوية، وإن هناك في محافظة رَيمة، ما يزيد عن مئة ألف امرأة بدون أوراق ثبوتية، منهن فقط أربعة آلاف امرأة يمتلكن البطاقة الشخصية.

وفي السياق ذاته، قال عبدالرحيم الحكيمي، رئيس مصلحة الأحوال المدنية في محافظة ريَمة، لبي بي سي "إن المحافظة تتصدر جميع المحافظات في نسبة الاحتياج للبطاقة الشخصية للنساء والفتيات وكذلك الرجال، مضيفا أن "أكثر من 80 % من سكان المحافظة نساءً ورجالاً لا يمتلكون هُوية"، إلا أن نصيب النساء "بكل تأكيد" هو الأكثر من تلك النسبة، على حد قوله.

ويقول نشوان محمد علي الشاوش، الرئيس التنفيذي لمنظمة ريَمة للتنمية والاستجابة الإنسانية، إن محافظة ريَمة من بين المحافظات التي تحتل المرتبة الأولى من حيث أعداد النساء اللواتي لا يمتلكن بطاقات هُوية وإنه "خلال الـ15 عاما الماضية حصلت حوالي ألفي فتاة وسيدة على بطاقة هوية".

صعوبة تحديد سن السيدات
معظم النساء اللواتي يذهبن لاستخراج بطاقات الهوية في محافظة ريَمة لا يمتلكن أوراقا ثبوتية رسمية أو شهادات ميلاد رسمية تحدد سنهن.

ويقول الحكيمي "هذه مشكلة نحن نعاني منها. إذ تأتي مثلا سيدة في الثلاثين أو الأربعين أو الخمسين من عمرها ولا تمتلك شهادة ميلاد. كيف من الممكن أن نحدد عمرها. نلجأ إلى أقرب مستشفى للحصول من خلالها على شهادة تقدر عمر السيدة. وفي بعض الأحيان يأتي والد السيدة ويحدد العام الذي ولدت فيه ابنته وبعدها نسجل سنها".

القانون لا يمنع المرأة من استخراج بطاقة
ويقول نشوان محمد علي الشاوش إن "القانون اليمني واضح وينص على أن كل من بلغ سن 16 عاما يحب أن يحصل على بطاقة الهوية".
وينحي الشاوش باللائمة في عدم امتلاك نساء كثيرات بطاقات هُوية إلى الأعراف المجتمعية التي ترى في استخراج بطاقة للنساء والفتيات أمرا غير لائق "إذ إن أوراق الثبوتية تحتاج إلى أخذ صورة للنساء".
وهو رأي يشاطره فيه عبدالرحيم الحكيمي، رئيس مصلحة الأحوال المدنية في محافظة ريَمة، الذي يقول إن "أغلب السيدات و ليس كُلهن (في محافظة ريمة) لا يمتلكن الهوية، حيث إن الشعب اليمني شعب قبلي وعفوي ويرى أنه ليس من الضروري أن تمتلك المرأة بطاقة هوية. فهي زوجة وترعى أولادها".

نقص التمويل
منحت المؤسسة غير الحكومية التي يترأسها نشوان محمد علي الشاوش حوالي 466 فتاة وسيدة من سكان محافظة ريَمة بطاقة هُوية. ويقول عبدالرحيم الحكيمي إنها "المؤسسة الوحيدة التي تدخلت في محافظة ريَمة عبر مساعدة صندوق الأمم المتحدة للسكان" لمنح تلك النساء البطاقات، إذ إن قلة الإمكانات تعرقل إصدار أوراق ثبوتية.

ويضيف الحكيمي قائلا إن: "المحافظة جبلية وتضاريسها صعبة وطرقها وعرة ويصعب على المواطنين الوصول إلى مركز المحافظة للحصول على خدمات السجل المدني".
كما أن تكلفة التنقل من القرى إلى مركز المدينة تفوق بكثير رسوم إصدار البطاقة "ومن الممكن أن تساوي التكلفة ما ينفقه رب الأسرة خلال شهر"، كما يقول الحكيمي لبي بي سي.

تبلغ تكلفة رسوم إصدار البطاقة 3,500 ألف ريال يمني. إلا أن تكلفة التنقل من بعض المناطق إلى مركز العاصمة تجعل إجمالي التكلفة تتراوح ما بين 30,000 إلى 50,000 ريالاً يمنياً.

ليس هذا فسحب، بل تعاني مصلحة الأحوال المدنية في محافظة ريَمة من نقص الموارد المالية التي تمكنها من الوصول إلى القرى بغية إصدار بطاقات هُوية. وعملية الإصدار هذه تحتاج إلى أجهزة ومحطات ميدانية تُطلق من خلالها فرق عمل ماهرة تذهب إلى المناطق والقرى البعيدة كافة وتصدر لهم البطاقات من مراكز الإصدار.

وقال الحكيمي إنه وضع "خطة نزول ميداني تهدف للوصول إلى أغلب المناطق والقرى في مديريات المحافظة وذلك لتسهيل حصول جميع المواطنين على الوثائق الثبوتية التي تعد من أهم حقوقهم القانونية جميعاً رجالاً ونساءً بمختلف الفئات العمرية".
إلا أن الخطة لم تُنفذ بسبب عدم توافر الإمكانات و "بسبب نقص التمويل والحصار الذي يعاني منه الشعب اليمني".

"بي بي سي عربية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى