ماذا سَيخرجُ لنا جِراب الحَاوي ؟!

> * في كل إجراءٍ تقدمُ عليه السلطة هُنا، تَتبدّى هشاشة نتائجه وحتى مفاعيل حركته بدون مواربة، ناهيك عن خور قوىٰ الزّخم المُفترضة في التّجاوب معه جماهيرياً، يحدثُ هذا لأنّ ثمّة مساحة ما بين مصدر القرار من سُلطةٍ هي مُهاجرة في الخارج، وبين موقع التّنفيذِ في الدّاخل، وكذلك لضعف السلطة نفسها وخضوعها المطلق لإملاءات الإقليم، ولا يَغيبُ عنّا امتثالها أيضا لاشتراطات الفاعلين الدوليين بالنسبة لميكانيزم الأحداث في بلادنا عُموماً، وأبرز دلالات ذلك في عدمِ تحرك جيش السلطة جِدّياً في كل جُغرافيا الشّمال لِتحريرها من الحوثي! بل انهياراته المُخزية في مأرب اليوم.

* كل هذا يقطعُ بأنّ السلطة لاحولَ لها ولا قوّة في كل ما يجري هنا، أي هي سُلطة ديكور وحسب، ولذلك تَتَبدّى بكل جلاءٍ مظاهر الانفلات التّام في كل جُغرافيا البلاد، وأيضا ضُعف القانون، بل غيابه المُطلق إنْ جاز التّعبير، وإن كانت حياة النّاس تَسيرُ وفق نَسقٍ تضبطُ إيقاعه أخلاقيات الشّعب، وكذلك الواعزُ الديني المُتجسد في كينونتهِ، وإلا لكان على الدنيا السلام هنا!

* بالطّبع يحدثُ هذا وفقاً لأجندة الفاعلين الدوليين كما سبق وأسلفنا، أي وفق السيناريو الموسوم بالفوضى الخلاقة، كما رُسمت لشرقنا الأوسط، ما يعني أنّ الإقليم بِثقَلِ بعض مكوناته في الخارطة السياسية، هو شريك بشكلٍ أو بآخر في كل ما يجري على رقعتنا، وشواهدُ هذا ظاهرة للعيان، ومهما أطنب الخطاب الإعلامي لآلتهِ بالحديث عن وقوفه إلى جانب شعبنا ومؤازرته و ... و ... .

* من السّابق لأوانه التّكهن أو قراءة نهايات ما ستقف عليه الأحداث في الغد المنظور، لكنّ الأكيد والقطعي أنه سيتمخّض عن جغرافيا مُهلهلة مُنهكة، بل جُغرافيا حُبلى بالكيانات المتصارعة، ناهيكَ عن صُور الانفلات التي تَشبّعت بها المنطقة، ومظاهر الانحلال القِيمي من أبرزِ تجلّياتها، خصوصاً بين صفوف جيلنا الفتي، ولا أرسمُ هنا ملمحاً درامياً أسود لمآلات ما نعيشهُ اللحظة، لكن بوادر ذلك باديةً للعين، ونسأل الله اللطف .

* مع كل ذلك، هل ثمّة من لا يعتقد أو يتصوّر بأنّ السلطة القائمة لا تعي كل هذا؟ شخصياً، أُجزمُ بالقطع أنّ لدى السلطة علم يقيني بكل ما يَدورُ هنا ونهاياته أيضا، بل من مفاعيلها وقواها المحرّكة مَن يتحمّل أدواراً ما في رسمِ هذا السيناريو على الأرض! وهؤلاء الأخيرون يستميتون بشراسةٍ لتنفيذ ذلك، بل من قواهم الميدانية ومليشياتهم المُنبثقة عن المُسمّى الهُلامي للسلطة الشّرعية مَن تُنفّذ ذلك فعلياً على الأرض، أتحدّثُ هنا عن المليشيات المسؤولة عن تفاقم شيوع الفوضى والاحتراب وكل مظاهر الانفلات كما نعايش جميعاً في أكثر من محافظة!

* عند الشعوب الجاهلة المتخلفة، وحتى في الجغرافيا الحُبلى بالإثنيّات أو الطّائفية أو ... أو ...، هنا يَسهلُ إشعال فتيل الفِتن لتفجير الحروب البينية بغلٍ وحقدٍ، حدثَ هذا في رواندا ومثيلاتها في أواسط أفريقيا وبعض أطرافها، وكانت الخواتيم مأساوية، واليوم في بلادنا، ثمّة مَن يؤجّج لإشعال نيران مثل هكذا أحداث مُتّكئاً على نفس النّسق، وأيضا ثمّة من يَسْتعذب ويتشدّق بالاتكاء على منطقتهِ أو جهويّته، أو يسعى جاهداً لاستثارة مظالم أو ثارات و ... و ...، وهؤلاء هنا ينبشون في رُكام الرّماد لإيقاظ جذى الجحيم والمآسي، مع أنّ العاقل السّوي مَن يتوسّم الخير وينتهجهُ في قولهِ وفعله، أو يتوقُ إلى السّكينة والسؤدد ليصبغ حياته وغيره بنعيمهما، ثمّ إن لنا في الجنوب قضية محورية، ومن الحري بنا جميعاً حصر كل جهودنا صوبها، أليس كذلك ؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى