المشهد السياسي في المنطقة

> قال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي إن أي توافق إيراني سعودي سوف يحل 50 % من الأزمة اليمنية، وفي رأينا أنه خفض النسبة لحصافته من جهة ولذكائه السياسي في ترك نسبة عالية للقوى الداخلية لتكون أكثر فعالية وبالذات أنصار الانتقالي والقوى المتحالفة الأخرى وقوى الشعب الجنوبي المؤمنة باستعادة السيادة الجنوبية والقرار السيادي.

فالحقيقة البارزة أن إيران أكبر مؤثر في تقدم الحل السياسي أو في عرقلته، فهي وأجنحتها في اليمن تشعر بالنصر والقوة، فأمريكا تعود للاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني وتلقي قرار ترامب بشأن اعتبار الحوثيين منظمة إرهابية خارجية، والحوثي يتقدم في مأرب ويريد إسقاطها وإخضاعها لسيطرته، ومليشياته تضرب مطار أبهاء بأربع طائرات مسيرة، وإيران تشترط على المبعوث الأممي الاعتراف بحكومة سلطة الأمر الواقع في صنعاء، والاتحاد الأوربي يتخذ حزمة من القرارات والإجراءات باتجاه إنهاء الأزمة التي سببت أكبر أزمة إنسانية في العالم كما جاء في تلك القرارات، وتوقف أي مبيعات عسكرية للسعودية ودول التحالف.

كل ذلك يجعل إيران وأنصار الله يشعرون أنهم المنتصرون في هذه الحرب ولهم الحق بفرض شروطهم وأهمها وقف الحرب أو ما يسمونه وقف العدوان (والذي أسماه الاتحاد الأوربي أيضا كذلك)، والحصار الجوي والبحري والبري والدخول في الحل السياسي.

وبذكاء الحوثي فقد قزم خصومه ولم يوسع دائرتهم بل حصرهم في قوات ما يسميهم العملاء الهاربين في فنادق الرياض وإسطنبول، وقوات مشتتة فيما يسمى الجيش الوطني، وهي أسيرة ثقافة النهب لثروات الجنوب وأسيرة الفساد وفي حالة تشظي وتقهقر تنخرها الخيانات والفساد والعجز عن تحقيق أي انتصار يحفظ لها أبسط توازنها، ومنشغلة في إدارة معارك تفتعلها خلف خطوطها المنهارة وتعادي القوى الجنوبية الصاعدة والقوية والمتماسكة التي تمتلك إرادة صلبة وخلفها شعب الجنوب يؤيدها ويؤازرها لأنها تعمل لتحقيق تطلعاته وتحرز الإنجازات السياسية والعسكرية، كان آخرها نجاح زيارة القادة الجنوبيين إلى موسكو وعودة قياداته إلى عدن حيث أصبحت سلطة أمر واقع وتمتلك شرعية بحكم اتفاق الرياض المبارك والمدعوم عالميا وإقليميا.

نحن اليوم أمام مشهد مختلف عما كان عليه قبل فترة قصيرة بل مشهد نتوقع له تغييرا سريعا قد يكون مفاجئا خلال الأيام القليلة القادمة، والسؤال المهم حول الجزء المعتم في المشهد، وهل تتمكن المملكة العربية السعودية من أن تضع يدها بيد من يجب أن تضعها أم تخطئ هذه المرة وتكرر نفس الخطأ الواقعة فيه من بداية الحرب؟ وخصوصا بتأثير قوى الإخوان المتغلغلة في أجهزة النظام السعودي، برغم سلامة مواقف وتفكير الصف القيادي الأول فيها، ويجعلها تدفع ثمنا غاليا نتيجة ذلك، برغم أن الآفاق السياسية مفتوحة أمامها والقدرات والإمكانات المتاحة كبيرة وحلفاؤها في المنطقة كثر ولم تنقصها سوى الحنكة السياسية لإدارة الأزمة والتخلص من تأثير الإخوان والقدرة على خلق الاصطفافات مع القوى الصادقة والحريصة على الهوية العربية وأمن واستقرار المنطقة التي تعتبر العمق الاستراتيجي للمملكة ودول الخليج المسيطرة على أطول شريط ساحل وأهم منافذ بحرية وجوية وبرية في المنطقة، بعكس إيران تماما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى