المياه بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. مواقف قد تؤدي لحروب ودول صغيرة ستغرق

> ​تشغل البلدان العربية 10 في المئة من مساحة العالم، ورغم ذلك فإن متوسط سقوط الأمطار السنوي لا يبلغ فيها إلا 2.1 في المئة، ولا تتخطى كمية مواردها المائية الداخلية المتجددة إلا 6 في المئة، الأمر الذي يهدد التنمية في المنطقة في ظل نمو سكاني ضخم.
وبحسب تقرير حكومة المياه في المنطقة العربية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن 15 دولة عربية تعاني من الندرة المائية، حيث ينخفض فيها متوسط نصيب الفرد من المياه عن خط الفقر بمعدل ألف متر مكعب سنويا.

ولا يتعدى نصيب الفرد في 12 بلدا عربيا 500 متر مكعب سنويا، بينما ينخفض في سبعة بلدان أخرى عن 200 متر مكعب سنويا.
ووفقا للتقرير فإنه بحلول عام 2025 يمكن أن يصبح العراق، وربما السودان، الدولتين الوحيدتين اللتين يزيد فيهما متوسط المياه الزائد عن ألف متر مكعب سنويا.

وبعد أقل من 10 سنوات من الآن، سيؤدي التغير المناخي إلى انخفاض موارد المياه المتجددة بمعدل 20 في المئة، وزيادة تكرار موجات الجفاف لانخفاض معدل سقوط الأمطار، وارتفاع الطلب المنزلي والزراعي على المياه لارتفاع درجات الحرارة، وزيادة تسرب المياه المالحة إلى طبقات المياه الجوفية الساحلية، مع ارتفاع مستوى سطح البحر واستمرار الاستغلال المفرط.

وبالتالي يمكن أن تكون ندرة المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إما عاملا مزعزعا للاستقرار أو دافعا يقرّب المجتمعات بعضها ببعض، حسبما يقول تقرير مشترك لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والبنك الدولي.
ويعتمد العراق والسودان، إلى جانب مصر، اعتمادا رئيسا على المياه السطحية، بينما تستخدم سوريا والأردن والمغرب المياه الجوفية استخداما أكبر.

وتلبي جميع البلدان العربية احتياجاتها المائية بشكل أكبر من مياه الصرف المُعالجة، فضلا عن ارتفاع حصة تحلية المياه في ميزانية المياه الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي.
ولجأت الدول العربية، خاصة الواقعة في المناطق شديدة القحولة، إلى بناء السدود لإعادة تغذية طبقات المياه الجوفية، حيث بلغت سعة سدود المياه في المنطقة حوالي 356 كيلومترا مكعبا في 2008.

وتواجدت ما يزيد على 86 في المئة من هذه السعة في أربعة دول يعتمد سكانها على الزراعة، وهي: مصر (168.2 كيلو متر مكعب)، والعراق (151.8)، وسوريا (19.7)، والمغرب (16.9).

رعب السدود
وفيما يتعلق بالسدود، فإن مصر والسودان، وهما دولتا مصب نهر النيل، أخفقا حتى الآن في انتزاع اتفاق ملزم قانونا يتعلق بتشغيل سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا وتقول إنه مهم لتنميتها الاقتصادية.
وبدأت إثيوبيا، التي تقول إن لها الحق تماما في استخدام مياه النيل التي استغلتها مصر طويلا، في ملء الخزان خلف السد الصيف الماضي.

وفي هذا الصدد أشار تقرير الأمم المتحدة عن تنمية الموارد المائية في العالم لعام 2021، إلى أن الدول التي تتشارك موارد مائية لا تسعى لمشاركتها بشكل أكثر إنصافا.
وتخشى الخرطوم أن يزيد السد، الذي يقع على النيل الأزرق قرب الحدود مع السودان، من مخاطر الفيضانات ويؤثر على التشغيل الآمن لسدودها القائمة على النيل، في حين تتخوف مصر التي تعاني شحا في المياه أن تتضرر إمداداتها من مياه النيل.

وفي تحليل لمعهد واشنطن في 2020، أشار الكاتب عمرو سليم إلى مواقف الحكومات الإقليمية وما قد ينتج عنها من احتمال اندلاع "حروب المياه" في المنطقة في المستقبل القريب.
وأضاف "يتجلى ذلك في الأزمة المستمرة بين مصر والسودان من جانب وأثيوبيا من جانب آخر بسبب بناء الأخيرة لسد النهضة، وعدم الوصول لتسوية مع طرفي النزاع بشأن قواعد ملء السد".

وتشكل الأمطار 30 في المئة من موارد العراق المائية، بينما تشكل مياه الأنهار الممتدة من تركيا وإيران 70 في المئة بحسب المديرية العامة للسدود في العراق.
وقالت وزارة الموارد المائية في العراق، إن بناء مرافق تخزين المياه من قبل كل من تركيا وإيران إلى جانب هطول الأمطار غير المنتظمة أدى إلى انخفاض مستوى المياه في الأنهار الرئيسية في العراق بنسبة 40 في المئة على الأقل.
وفي العراق، يبلغ معدل الإجهاد المائي 3.7 من 5، مما يعني "خطورة مرتفعة" متعلقة بندرة المياه.

التلوث وتغير المناخ
وتبين أبحاث التغير المناخي أن في المنطقة العربية خمس دول من مجموع العشر دول الأكثر تعرضا لمخاطر تأثيرات التغير المناخي، المتمثلة في مخاطر الفيضانات الساحلية العالية، وتطرف درجات الحرارة، وهذه الدول هي: جيبوتي، مصر، العراق، والمغرب، والصومال، بحسب تقرير حكومة المياه.
كما يتوقع التقرير أن تعاني دول الخليج العربي كالبحرين، والكويت، وعمان، وقطر، والسعودية، والإمارات من العواقب الوخيمة للتغير المناخي.

"فالبحرين، مع صغر كتلتها اليابسة إلى حد ما، ستواجه خطر الغرق في حالة ارتفاع مستويات البحر، وستتعرض قطر على وجه الخصوص لخطر الفيضانات الداخلية".
ولذلك، تُوصف البحرين، وقطر، والكويت، واليمن بأنها بلدان تتأثر بالمخاطر تأثرا "قاسيا". أما الأردن، ولبنان، وليبيا، وعمان، والسعودية، وتونس، والإمارات فتتأثر بالمخاطر تأثرا "شديدا".

وبالحديث عن الأردن، فهو يعد من أفقر 10 دول في العالم في مصادر المياه الطبيعية والمتجددة، رغم أن عدد سكانه صغير نسبيا حيث يبلغ حوالي 6 ملايين نسمة، بحسب تقديرات البنك الدولي.

ولا يتوقف الأمر على خطر ندرة المياه وتأثير التغير المناخي عليها، بل وتلوثها أيضا ففي مصر والأردن ولبنان وفلسطين وسوريا، أدى إلقاء مياه الصرف الخام، ومياه الصرف المعالجة جزئيا من القطاع الزراعي، والصناعي، والمنزلي في المجاري المائية إلى ظهور مخاوف صحية خطيرة، والتلوث الشديد للأراضي الزراعية والموارد المائية أثناء فترة انخفاض التصريف تحديدا.

عن/ الحُرة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى