الحرب والكابوس الإيراني

> > لم تجافِ طهران الحقيقة عندما صرَّحت بأن صنعاء هي العاصمة الرابعة بيدها، وربما استخف كثيرون بهذا التصريح آنذاك، لكن هذا الطرح لم يسر أحد في خارطتنا العربية، ولا حتى شعوب الدول التي قصدتها إيران، وآخرها الشمال، ويمكن أن يطرب هذا القول بيادق إيران في هذه الدول، فهي أفردت لهم فيها مساحة للتسلط والفيد من مواردها، لكن لأجل وحسب، والعقلية الإيرانية معروفة، ثم هي تختزن كمًّا هائلًا من نار الثأر مع رقعتنا الإسلامية السنية، تحديدًا على خلفية سقوط دولتها السّاسانية على يدّ خليفتنا ابن الخطاب (رضي الله عنه ) .

* تجليات الواقع تقطعُ بأننا ولجنا دهليز كابوس من العيار الثقيل، هذا ليس تهويلًا من بعبع إيران، لكن الواقع أنها ليست بالخصم الهين، ثم أن غاياتها من تخومنا وحشية شرهة، كما أن الحديث والمبادرات من طرفنا لإيقاف الحرب، وبعد أن تفاقم علينا هول الإنفاق وسعير الإنهاك من استمراريتها، وإيران في الظل، فهي تدخل في سياق التّرف والابتذال في قاموس خصم من نوعية إيران، والسبب لابدّ من عرض صكّ يعكس كلفة صعبة وثقيلة الوطء علينا، ومهما بلغ الترحيب والإشادة بالمبادرة السعودية الأخيرة وما قبلها .

* يجيدُ الغرب نصب الفخاخ المُحكمة لمن يضعهم في خانة الخصوم، أو لمن يَفترضُ التعاطي معهم مستقبلًا، وأشقائنا أسقطوا من ذاكرتهم فخّ الإيقاع بالرئيس صدام حسين، وكيف دفعوهُ دفعًا لاحتلال الكويت، ثمّ تكالبوا عليه بمعيتهم، ودكوا العراق دكًا وشرذموها، والسلسلة جرّارة حتى اللحظة، ويبدو أنها لن تقف حتى تأتي علينا جميعا، أو يقضيَ اللهُ أمرًا كان مفعولا .

* يصورُ كثيرون الحرب الدائرة هنا بغير صورتها والفاعلين فيها، وبداية تحدثوا عن الحوثي مجردًا، أي عبارة عن مجاميع شبابية متهورة تلبّسوا بالاثني عشرية فجأة، وأنها – الاثنا عشرية - ليس ذات صلة وثيقة بالزيدية، أو أنّ ما يجري مجرد سحابة عابرة أو ... أو ... ، وأغفل هؤلاء أنّ الحوثية وبدر الدين وبعده ابنه حسين ربائب إيران منذ أمدٍ، فمنذ أكثر من عشرين عامًا خَلت، وأفواجًا من المبتعثين اليمنيين تؤشرُ لهم الهجرة والجوازات الرسمية للحجّ إلى قُم/طهران وللدراسة هناك، وهم بالألاف، أي أن الحوثية ليست ترفًا أو زندقة فكرية طارئة.

* يثيرُ الحنق التّهويم الفكري الذي يثرثر به بعض من نتعاطى معهم ونفترضهم محللين سياسيين، وذلك عندما يتحدثون عن آفاق وتطلعات إيقاف الحرب هنا، فهم يتحدثون عن الحوثي بصفته طرفًا فاعلًا ومُقررًا في هذه الحرب، حتى المبادرة السعودية جاءت مصفوفتها بمثل هكذا توصيف! هنا يعجزُ اللسان جِديًّا عن توصيف وتقييم مثل هكذا طروحات، وهي تدورُ في نفس فلك وقالب التّغابي والبُعد كثيرًا عن الواقع ولاشك .

* يا هؤلاء، إن أردتم الحديث عن إيقاف الحرب ووضع حدٍ لها، فالخصم هناك في طهران، هكذا هي المسألة مجردةً وبدون رتوش، فادرسوا وقيموا كل ما في جعبتكم من خياراتٍ أو من عطاءات، وانظروا ماذا يمكن تقديمه على مائدة إيران لتقتنع به، أو يكسرُ شوكتها، فتُجبرُ على كفّ يدها في هذه الحرب، أمّا الدروشة السياسية، أو تلبيس الدمى بغير ثيابها، أو نَصبها في عِدادِ الأنداد والخصوم حقًا أو ... أو ... ، فهذا ليس من الواقع في شيء أصلًا، أليس كذلك ؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى