من علماء المسلمين.. عيسى الدمشقي

> هو أبو الحكم عيسى بن الحكم الدمشقي، وهو واحدا من أهم وأشهر العلماء والأطباء الذين بزغوا في العصر الأموي في القرن الثالث للهجرة. حقق العديد من الإسهامات والإنجازات التي كان لها دور كبير وواضح في تطور وازدهار الدولة العربية والإسلامية.

قيل عنه أنه كان مسيحيا قبل أن يسلم، قام بالعديد من الأبحاث والدراسات في سبيل تحقيق كل ما يطمح إليه. ولد أبو الحكم في مدينة دمشق، وهذا هو السبب وراء تسميته بالدمشقي. استمر في أبحاثه ودراساته في مسقط رأسه، اشتهر في علومه وأبحاثه التي قدمها، وبرع في العديد من العلوم والمجالات التي تتعلّق بالطب والأدوية وكيفية العلاج، استطاع أن ينجح في تقديم عدد من الأدوية الطبية التي لا يزال جزء منها يُستخدم في زماننا هذا.

عُرف عن أبي الحكم أنّه كان صاحب حنكة وذكاء، واشتهر بسرعة حفظه وبراعته، إلى جانب اعتماده المُباشر في دراساته وأبحاثه على التجربة، فقد كان قبل أن يقدم أي دواء أو علاج يقوم بتجربته على الحيوان، فإن نجح اكتشافه يقدمه إلى العالم الخارجي.
كان أبو الحكم من العلماء الذين عاشوا عمرا طويلا، إذ كان مُعمرا، فقد عاش ما يقارب المائة عام أو أكثر. اشتهر في زمانه وبعد وفاته. قدّم عددا من الكتب والمؤلفات إلى جانب الإسهامات والإنجازات؛ الأمر الذي جعله يحظى بمكانةٍ وقيمةٍ عظيمة في زمانه.
رسم لوالد أبو الحكم الدمشقي وهو يعالج جرحاً ينزف لذراع أحد المرضى قُطع شريانه
رسم لوالد أبو الحكم الدمشقي وهو يعالج جرحاً ينزف لذراع أحد المرضى قُطع شريانه

أخذ عدد من العلماء والأطباء عن أبي الحكم، وجاب عددا من دول ومناطق العالم بحثا عن العلم، ورغبةً منه في تطوّر وتقدّم علومه ومعارفه، إلى جانب أنّه أخذ عن عدد من العلماء؛ الأمر الذي جعله يُحقق شهرةً كبيرةً وسريعةً. هذا وقد عُرف عن أبي الحكم الدمشقي أنّه كان صاحب حكمة وعلم، كما أنّه كان على درايةٍ تامة بكل ما يتعلق بصنوف الأدوية والمُعالجة والطب، إلى جانب ذلك، حظي بمكانة عظيمة في نفوس عدد من العلماء الذين عاصروه؛ فقد قال عنه ابن أبي أصيبعة: "كان طبيبا عالما بأنواع العلاج والمرض والأدوية". استطاع أبو الحكم الدمشقي أن يُحقق شهرةً ومكانةً في كل مكان زاره، كما كان له تأثير كبير وواضح في كل مجلس أو ندوةٍ أو شخص يحضره أو يجلس معه؛ الأمر الذي جعله من أفضل العلماء المُسلمين الذين ساهموا في تطوّر وتقدّم الدولة العربية والإسلامية.

أخذ أبو الحكم الدمشقي علومه في بداية حياته عن والده، الذي كان يُصاحبه في كل زيارته ومجالسه، وكان يحضر جميع المُحاضرات والندوات التي كان يؤمن أنّها ستزيد من علمه ومعرفته، فضلا على أنّه اشتهر في صدر الدولة الأموية، فقد كان عالما بجميع أنواع الأدوية والعلاج، وقد كان طبيبا خاصا لمعاوية بن أبي سفيان الذي صاحبه إلى مكة المكرمة، كما أنّه كان يعتمد عليه في صناعة الأدوية وتركيبها.

وفاة الدمشقي: بعد العمر الطويل الذي عاشه أبو الحكم، وبعد الإسهامات والإنجازات التي قدّمها، إلى جانب النجاحات الكبيرة في علم الدواء والعلاج التي ما زال جزء كبير قائماً حتى يومنا هذا، تعرّض الدمشقي لوعكةٍ صحية أودت بحياته، وتوفي في المدينة التي ولد فيها، ودُفن هناك.

وذكر عيسى أنه ركب مع أبيه الحكم بمدينة دمشق، فاجتازا حانوت حجّام قد وقف عليه بشر كثير. فلما بصر بنا بعض الوقوف قالوا: أفرجوا هذا حكم المتطبب وعيسى ابنه، فأفرج القوم، فإذا رجل قد قطع الحجّامُ في عرقه قطعا واسعا، وكان على الشريان، فلم يحسن الحجام تعليق العرق فأصاب الشريان، ولم يكن عند الحجّام حيلة في قطع الدم، فاستعملنا الحيلة في قطعه بنسج العنكبوت والوبر، فلم ينقطع»، فسأل الحكم ولده عيسى ما الحيلة؟ فأعلمه أنه لا حيلة عنده. فيقول عيسى: «فدعا أبي بفستقة مشقوقة، فأمر بفتحها وطرح ما فيها. ثم أخذ أحد نصفي القشرة فجعله على موضع الفصد، ثم أخذ حاشية كتان غليظ فلفّ بها موضع الفصد، على قشر الفستقة لفا شديدا، ثم أمر بحمل الرجل إلى نهر بارد فأدخل يده في الماء ووطّأ له (هيأ له فرش) على شط النهر ونومّه عليه، بعد أن حسّاه مح البيض، ووكل به تلميذا من تلاميذه، وأمره بمنعه من إخراج يده من موضع القطع من الماء، إلاّ عند وقت الصلاة أو عندما يتخوف عليه الموت من شدة البرد، ففعل ذلك إلى الليل، وفي اليوم الرابع لاحظ الحكم أن عضد المريض وذراعه أصابهما ورم شديد فنفّس (خفف) من الشد شيئا يسيرا. ولما كان اليوم الخامس حلّ الشد فوجد قشر الفستقة ملتصقاً بلحم الرجل، فحذّر المريض من قلع القشرة. ويقول عيسى إن القشر سقط من نفسه في اليوم السابع، وبقي مكانه دم يابس، نهى أبي المريض عن العبث به، أو حكّ ما حوله، أو فتّ شيء منه. وبعد أربعين ليلة برأ الرجل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى