السلام في اليمن يحققه المنتصرون على الارض لا جثث الاتفاقيات

> كتب/ المراقب السياسي

>
  • الغرور سيؤدي إلى انتصار الحوثي.. الشرعية تخشى انفصال الجنوب الذي رسخته أفعالها
  • الحل تفرضه دائما أطراف الحرب في الداخل على الخارج
> عندما قرر عبد الملك الحوثي الإطاحة بالحكومة اليمنية وسلطة الدولة في صنعاء، كانت لدى الرجل رؤية واضحة لما يريد، وهو ابتلاع منظومة الحكم كاملة في اليمن.

ولقد ساعدت عدة عوامل على نجاح الحوثي الذي تطور إلى مليشيات وكيان كامل قادر على إدارة مناطقه بكفاءة.

ولم تكن هناك أي هزيمة للحوثيين منذ اندلاع الحرب، ولا أي انتصار للتحالف العربي إلا في الجنوب فقط.

إن تلك الهزيمة اليتيمة للحوثيين كان وراءها سبب جوهري واحد، هو رفض الجنوبيين لما رأوه احتلالا شماليا جديدا، ومن ذلك المنظور قاوموا الحوثيين حتى دفعوهم خارج أراضي الجنوب.

للسبب نفسه، كان الأمر مختلفا في الشمال، حيث مني التحالف العربي بالهزيمة تلو الأخرى، لأن الشعب لم يلتف حول التحالف، فمواطنو الشمال حَذِروا مما رأوه حاصلا في عدن والمناطق المحررة، ولن يتم الانتصار على الحوثيين طالما رضي الشعب في تلك المناطق عن وجوده.

اليوم يقف الجنوبيون والشماليون على وطن مدمر بالكامل، ينهشه السرق والفاسدون، وكلهم ليسوا يمنيين، فما الحل؟

لن يكون هناك سلام في اليمن قائما على حل سياسي، والست السنوات الماضية الحافلة بجثث الاتفاقات التي حظيت بدعم دولي منقطع النظير شاهدة على ذلك، بل سيكون السلام سلام المنتصرين على الأرض.

الجنوبيون اليوم في أسوأ لحظاتهم التاريخية، فقد حققوا انتصارا على الأرض، فشلوا في ترجمته إلى انتصار سياسي، بينما الشماليون (الحوثي) حققوا انتصارات على الأرض، ومعها انتصارات سياسية خارجيا.

استغل الحوثيون كل طريق أتيح لهم لتحقيق الأمر، وساعدهم في ذلك وجود المنظمات الدولية في صنعاء، التي حفلت تقاريرها إلى العواصم المختلفة بنقل وجهة نظر حوثية خالصة، والسبب في ذلك فشل الشرعية بفرض انتقال تلك المنظمات إلى عدن خوفًا من انفصال الجنوب، بل إن وزارة التخطيط عرقلت عملية النقل تلك.

ساعد الحوثيين أيضًا وجود كل السفارات الأجنبية العاملة لدى اليمن في السعودية، فقام أطراف الشرعية بنقل صورة مختلة عن الصراع لتلك السفارات، وقطعوها عما يعتمل على الأرض خوفًا من انفصال الجنوب، لكن العامل الأكبر في دعم الحوثيين هو فساد الشرعية اليمنية، وهو ما مكن الحوثيين من امتصاص الاقتصاد إلى بنكهم المركزي في صنعاء.

نقل البنك المركزي إلى عدن دون أي أدوات، فمركزي صنعاء حرص خلال 30 عامًا على تدمير القطاع المصرفي في الجنوب، فكان نقل البنك المركزي عملا فوضويا آخر ساهم في تدمير العملة المحلية وإفقار ملايين البشر.

في العام 2016 بعد الانتصار في عدن، قامت الشرعية بالاتفاق مع أطراف التحالف على تأجيل إعادة الإعمار في المناطق المحررة حتى استكمال تحرير الشمال، وساهم هذا العمل بفاعلية في تدمير مقومات الحياة في تلك المناطق، فانتشرت الجرائم وانهارت الخدمات العامة، وكل ما قدمته المملكة العربية السعودية بسخاء اختفى بين الفساد وبين محاولات ترقيع ما لا يمكن إصلاحه.

فعلى سبيل المثال، تم صرف مئات ملايين الدولارات على قطاع الكهرباء بأموال كان من الممكن بناء محطات استراتيجية جديدة بها، والمحصلة لتلك الأموال المهدرة أن قطاع الكهرباء اليوم أسوأ بنحو 64 % مما كان عليه في العام 2016م، وهو فشل كبير وهزيمة كبرى للشرعية والتحالف العربي.

إن منظور التحالف العربي والشرعية اليمنية ضيق جدا في إطار منع استقلال الجنوب فقط واتفاق الرياض، وكل التحركات التي سبقته ولحقته جميعها تصب في هذا الإطار، وهو نفس المنظور الذي حقق كل ما يريده الحوثيون ونسف جهود التحالف.

اليوم فقد الجنوبيون كل ثقتهم بالتحالف العربي، ولا يوجد إلا المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتحدث عن الشراكة معه.

هربت الحكومة إلى الرياض، وحتى إذا عادت إلى عدن فليس بيدها ما تستطيع العمل به لإعمار البلاد، بل العكس، سيتم صرف أي مساعدات للإبقاء على ما هو موجود ليس إلا، بينما تمر السنوات دون معالجة أساس المشكلة.

هناك إدراك لدى المجتمع الدولي أن الحل السياسي لن يأتي لذلك. نرى موضوع اليمن يختفي تدريجيًا من أجندة العالم، وسيكتفون باحتواء المشكلة داخل الحدود اليمنية، فالعالم لا يهمه ما يحصل داخل الحدود اليمنية بقدر اهتمامه ألا تخرج المشاكل عن تلك الحدود... وسياسة الاحتواء أرخص بكثير من الحرب.

لابد من تحرك جدي لإنهاء الحرب من الداخل، وعلى أطراف الصراع الموجودين داخل البلاد الإسراع إلى حل من الداخل يفرض على الخارج، وليس العكس، واستعادة السيادة والقرار الوطني للداخل. أما الركون على الخارج فلن يؤدي إلا إلى استمرار الحرب لعشرين عامًا قادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى