الحوار الجنوبي

> تتزايد أهمية الحوار الجنوبي يوما عن يوما، وتثبت الأيام أنه ضرورة حتمية لانتصار شعب الجنوب، وتحقيق تطلعاته المشروعة، وتهدر فرصا لم يتم استقلالها، وتظهر فرص جديدة نخشى أن تهدر هي الأخرى، ويتحمل مسؤولية ذلك الكل الجنوبي السياسي والاجتماعي، مع الاختلاف في نسب المساهمة في هذا الإهدار.

وقد تزايد الحديث في ذلك وأصبح موضوع الحوار مبرر لكل فشل وكل إخفاق وكل تشقق وكل تصاعد في الاختلافات ومبرر لتدهور الأوضاع، وتزايدت الأفكار والرؤى والطروح، فمنهم من يأتي برؤية جاهزة للحوار، بل ونتائجه، ويريد الأخرين أن يبصموا عليها، ومنهم من يأتي بأفكار تؤسس لحوار بيزنطي، لن يوصل إلى أي نتيجة ملموسة.

بالأمس، كان أشجع رأي ما سطره د. عبدالرحمن الوالي في رؤيته للحوار، على الأقل، كان أكثر صراحة، وقدم رؤية مكتوبة، ربما للبيئة المتحدر منها تأثير في الصراحة والشفافية، ولا أعرف إذا كان لا زال لديه أوراق يحتفظ بها، أم أنه قد صب كل ما لديه في هذه الرؤية، لكنني أقرأ من بين السطور إن هذا تقريبا كل شيء لديه، حتى إنه أشار إلى بعض النتائج التي يفترض أن تكون من مخرجات الحوار، وأن تركز ما تقدم من روى على آلية الحوار.

بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا مع رؤية د. الوالي، إلا أن ما قدمه يجب النظر إليه بإيجابيه، وهناك آخرون في طرف آخر، يتحدثون عن الحوار، ولا يفصحون عن أي حوار يريدون، ولا عن أهداف أو آليات لهذا الحوار، لكنهم يكثرون الثرثرة عن أهميته وضرورته وخطورة عدم قيامه. وهؤلاء إما أنهم يريدون أن يسوقوا الناس كالأنعام إلى طاولة مجهولة الأسس والأهداف، وربما ملغومة، وحينها تطرح قضايا تعجيزية بهدف عدم تحقيق أي نتائج، وبالتالي، يعلنون فشل الحوار الذي هو في اعتقادهم سيكون فشل الجنوب. هذه غايتهم ومناهم.

من لا يريد أن يفصح عن رؤيته ليظل غامضا يساوم في مواقفه، وهناك اتجاهات أخرى لا يتسع المجال لذكرها، ولا بد من التوقف هنا قليلا أمام الآراء التي لمسناها من قوى وشخصيات اجتماعية لديها رؤى عميقة تطرح هل نحن بحاجة إلى حوار سياسي أم بحاجة إلى حوار مجتمعي؟ هل نحن بحاجة إلى حوار مع قوى الاستقلال أم حوار مع الراي الآخر أصحاب حوار صنعاء، أو من يسمون جنوبيي الشرعية؟ أم نحن بحاجة إلى حوار شامل؟ وهل على طاولة واحدة أم في غرف متعددة ومسارات متعددة؟ ويذهب البعض إلى ما هو أعمق من ذلك، هل نحن بحاجة إلى حوار يوصل إلى توافق جنوبي حول استكمال مهام التحرر الوطني وعدم استبداد مكون أو فصيل بعينه على الثورة والدولة كما فعلت الجبهة القومية؟ أم نحن بحاجة إلى حوار حول شكل الدولة القادمة ونظامها السياسي والخروج بموجهات دستورية؟ والبعض يقدم، من الآن، أفكارا عن أننا نريد نظاما يماثل النظام الماليزي (تتكون فيه السلطة من شقين: انتخابات، وآخر مجتمعي تاريخي)؟ أم إلى حوار شامل متعدد المسارات؟ والبعض يرى أن الحوار هو لتقاسم المواقع القيادية في المجلس الانتقالي، وهناك متوالية هندسية عند البعض، فمهما أتيت بعدد من بعض المكونات لإشراكهم في المواقع القيادية في المجلس، فإن ما تبقى في مكونه يظل يطرح نفس الفكرة للحوار والمشاركة، والبعض يريد أن يصل إلى توحيد المكونات على طريقة ما حصل لفصائل العمل الوطني في الجنوب، وتكوين التنظيم السياسي الموحد للجبهة القومية، وهناك أسئلة أخرى كثيرة، بعضها واضح إجاباته والآخر ما زالت تحلق في الفضاء ولم تستقر على الأرض؛ كي يسهل الإجابة عليها، ولدي شخصيا رؤية خاصة لآليته وأهدافه والأسس والمبادئ التي يرتكز عليها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى