​ سارق البيض

> عصام مريسي

>
لربما البعض يستغرب من العنوان، فلا غرابة، فاليوم من ينتهج السرقة وينافسون سارق البيض، هم كثر؛ بل قد استشرت فعالهم في كل نواحي المجتمع، وهم في ذات الوقت يعلنون براءتهم من تلك الأفعال التي هي تدور حول السرقة بكل درجاتها، وكل المراتب الإجرامية التي تنبثق من السرقة من اختلاس ونهب ورشوة وابتزاز مال الناس سواءً كان مال عام أو خاص.

وسارق البيض هو مرض يصيب الدواجن، فتعاني تبعًا له من هزال ومجاعة ونقصان في الوزن وعدم إنتاجها للبيض، وهو عبارة عن بروز لحمي يظهر عند مؤخرة الدجاجة، فتصاب بتلك الأعراض سالفة الذكر، ويظل ذلك المرض يتسلط على الدواجن فتعاني منه الفاقة، ويحرم مربو الدواجن من الانتفاع بثمرة تربية الدواجن من البيض واللحم، حيث يتوقف التكاثر عند الدواجن، وهكذا الفساد يتسلط على مقدرات البلاد الاقتصادية وعائدات المرافق الإنتاجية، والمرافق ذات الإيرادات، عندما يتسلط المفسدون على مرافق الدولة عند توليهم المناصب القيادية والريادية في الدولة، فتحرم البلاد من النهضة، وتحرم خزينة الدولة من الرفد بتلك العائدات التي هي ملك للشعب، وتتحول إلى جيوب بعض المتسلطين على مفاصل المرافق الحكومية ومفاصل الدولة.

إن إيرادات المرافق التي يجب أن ترفد خزينة الدولة لتصب في خدمة مصالح المواطن، في تسيير المرافق الخدمية وتطويرها، وإدخال كثير من الخدمات الضرورية لتشمل المدن والريف من ريع تلك الإيرادات التي أصبحت تصب لجيوب قليل من المستفيدين وكأنها مرافق خاصة وأهلية.
إن إيرادات المرافق الحكومية من ضرائب وجمارك وكذا المنشآت النفطية، وقطاع الأسماك، وعقارات الدولة التي بدخولها ميزانية الدولة ستكون ذخرًا في تحقيق كثير من الخدمات التي يحتاجها المواطن، لتحسين مستوى دخل الفرد في المرافق الحكومية.

ولم تكن تلك الفئة الطفيلية لتنشئ لولا الوضع الأمني المنهار الذي خلفته الأحداث الأخيرة التي مرت بها البلاد منذ 2011م و 2015م، وتدهور الحالة الاقتصادية التي جعلت من فئات الطفيلين سارق ومستنزف لخيرات البلاد لصالحهم على حساب الملايين من الشعب.
فشتان بين الوطن والدجاجة، وما أقرب وجه الشبه بين سارق البيض والفئة الطفيلية التي حولت الوطن إلى دجاجة كبيرة تأكل خيراتها.

ولكل داء دواء، فمربوا الدواجن يعرفون علاج للسارق الذي يسرق بيض دواجنهم ببتر البروز اللحمي بشفرة الموس، ووضع مادة الرماد على الجرح لمنع النزيف، وهكذا يكون الخلاص من المفسدين ببترهم والخلاص منهم ومحاسبته وتطبيق قانون من أين لك هذا أيها المسؤول؟ من أين لك هذا أيها القائد؟
لن تنهض البلاد إلا باقتلاع الفساد ومحاسبة المفسدين الذين ينهبون قوت الشعب، والذين أوصلوا البلاد إلى هذا المستوى من التدني والانحطاط الاقتصادي، وقادوا الشعب نحو المجاعة والفاقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى