الحوثيون يريدون قطف ثمار الحرب الاقتصادية

> للحرب وجوه عدة، فهي اقتصادية إعلامية عسكرية. وفي تاريخ الحروب، حققت الحرب الاقتصادية منعطفات حادة، وربما مفاجئة، في النتائج على صعيد الحرب العسكرية، في حين أن الحرب الإعلامية تكون مصاحبة للحروب على مختلف الأصعدة. إذن لماذا يهاجم الحوثيون في أكثر من جبهة عسكرية رغم معاناتهم البالغة طيلة سنوات الحرب، وحجم خسائرهم الباهظة خصوصا على الصعيد البشري؟

في تقديري، إن طول سنوات الحرب ولدت لديهم القدرة على الاستقرار والاستفادة من كافة الثغرات لدى الطرف الآخر، وحين تشتد هجماتهم العسكرية على الجنوب لم يكن ذلك إلا من منظور استثمار الحرب الاقتصادية الضاربة التي تشن على الجنوب، وأثخنته معاناتها بحكم طبيعتها التي استهدفت حياة الناس ومعيشتهم، وهي الحرب المستمرة والآخذة صورتها التصاعدية، سواء في قطع المرتبات (الحقوق التي يفترض ان لا تمس بأي حال) ثم الخدمات وارتفاع الأسعار، وفوجئت مؤخرا بارتفاع بالغ في التعرفة الجمركية.

هكذا رفعت الحكومة الافتراضية يدها، وأخلت مسؤوليتها عن الناس.
وهكذا فعل التحالف العربي أيضا بتخلية عن دعم الجهات، وتسليم مستحقات من يواجهون المد الحوثي الذي لم يعد مدا، وفق الوضع القائم، ولا خطرا داهما كما كان عليه الحال عند بدء عاصفة الحزم.

لم يكن التغيير قطعا في المفردات بقدر ما هو تغيير مريب في المواقف التي وضعت الجنوب في هذه الأثناء أمام أبلغ التحديات، بل والمواقف المستفزة التي لا تعبر بأي حال عن إقدام إرادته وإنسانية مجتمعه البشري.
ولا يمكننا أن نجد تفسيرا واقعيا منطقيا عسكريا أو سياسيا لما يجري،

فالجنوب الذي افترضنا اعتباره حرا، لم يعد حاله كذلك في طبيعة الحياة المجتمعية، ولا بصورة عامة في أوضاعه التي تشهد في هذه الأثناء تداعيات الحرب الاقتصادية، التي تستهدف في الأساس تدمير كل ما تحقق، ونجدته لن تكون قطعا في ظل الدولة الافتراضية.
هنا انفتحت شهية الحوثيين مرة ثانية، ربما لخوض مغامرة أخرى، هي لا شك غير محسوبة العواقب، ولا تختلف في نتائجها عن تجربهم السابقة حين دفع بهم عنوة لاجتياح الجنوب بهدف إضعاف قوة مركزهم، وتشتيت مجهودهم الحربي.
الثابت أن مناوشاتهم على أكثر من جهة تجاه الجنوب لم يكن من موضع القوة بقدر ما هو بحث عن انتصارات معنوية، وهذا ما منحتهم إياه الشرعية والتحالف من خلال الإبقاء على المعاناة الاقتصادية وحالة الحصار التي تمارس على شعبنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى