رفع في عدن وخفض في الحديدة

>
ممارسة السياسة أو صنع السياسات الاقتصادية، لا يجيده إلا خبراء الاقتصاد، وليس كل الخبراء، بل المحنكون منهم.

لقد تابعت -باهتمام- التجاذبات في السياسة الاقتصادية بين عدن وصنعاء، فتعجبت من صناع السياسة في العاصمتين، ففي الوقت الذي ترفع فيه حكومة المناصفة المعترف بها دوليًا والمسيطرة على أهم موارد البلاد، وفي المناطق الأقل سكانًا، سعر صرف الدولار الجمركي في ميناء عدن إلى ضعف السعر الحالي، تقوم حكومة الأمر الواقع في صنعاء غير المعترف بها دوليًا، والمسيطرة على مناطق مزدحمة بالسكان بخفض سعر صرف الدولار الجمركي في الحديدة بنسبة 49 %.

وفي الوقت الذي تسعى فيه حكومة المناصفة إلى أن ترمي بثقل الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر الريال اليمني أمام العملة الأجنبية على كاهل المواطنين في المناطق المحررة، فإن الحوثي يسعى إلى تخفيض سعر صرف الدولار الأمريكي، ليظهر أن ذلك من أجل تخفيف المعاناة على الشعب في المناطق التي يحكمها، ويلزم التجار بأسعار مخفضة، ويطلق سراح أيديهم للتعويض عن أي خسائر من أي مناطق أخرى.

في إشارة واضحة لتحميلها المواطن في المناطق المحررة، وفي الوقت الذي تعقد حكومة المناصفة العمل في ميناء عدن أمام التجار، فإن الحوثي يدعوهم إلى الحديدة، ليتمكنوا من الاستفادة من التخفيض الذي أعلنه في سعر صرف الدولار الجمركي، الأمر الذي تجعل هذه السياسة منه ميناء الحديدة يزدهر على حساب ميناء عدن، ويضع العالم والتحالف أمام مسؤولية تجويع الشعب، من خلال فرض حصار على ميناء الحديدة لتجلده إجراءات حكومة المناصفة، فأي سياسة هذه وأي خبراء اقتصاد يشيرون إلى حكومة المناصفة التي لا تجيد غير نهب موارد عدن والجنوب وتجويع شعبه دون أي وازع أخلاقي أو ديني.

في الوقت الذي تدعو حكومة الحوثي فيه إلى التظاهرات الشعبية المنددة بالحصار الاقتصادي، فإن حكومة المناصفة تترك عدن، وتترك الناس دون خدمات أو مرتبات، وتنهب الموارد لمجرد أن مئات من المواطنين خرجوا يوصلون رسالة ضد سياسة الإفقار والتجويع التي تمارس ضدهم.

قد يقول قائل: لقد تراجعت حكومة المناصفة عن الإجراء بشأن رفع سعر صرف الدولار الجمركي في عدن. فنقول إذا صح ذلك، فإنه جاء بعد اكتشافها العظيم أن إجراءاتها فضيحة كبرى، وكان تمريرها ممكن لولا أحدثت تململاً سياسياً وشعبياً، فالعبرة هنا في السياسات المتبعة.
صحيح أن الحوثي كان السبب الرئيس في إفقار وتجويع الناس، ولم يدفع رواتب الموظفين، وعسكر الاقتصاد في مناطق سيطرته، بل حوله إلى اقتصاد حرب، لكن الحديث هنا عن سياسات الحكومتين الاقتصادية في ظل الأوضاع القائمة اليوم، وليس في أسبابها، لأن معالجة الأسباب تحتاج إلى إنهاء الحرب، لكن الحديث عن السياسات الاقتصادية والإجراءات في ظل الوضع القائم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى