ماتعلّمته من الأكاديمية الإعلامية "للأيام"

> منذ عام 1984م بدأت أحبو على بلاط صاحبة الجلالة، وكان حضوري بالخربشة في الفناء الخلفي لها، أي نشر تناولاتي في صفحات القرّاء، وخضتُ قليلًا على صفحات 14 أكتوبر وصوت العمال، وهما من الصحف القلائل التي شهدتها ساحتنا في الجنوب حينذاك، وبحسب المتاح حينها اقتصر تناولي على قضايا العمل، أو حول بعض الظواهر الموجودة في مجتمعنا وما إلى ذلك.

حمل الرائد المرحوم محمد حسين محمد - رئيس تحرير صحيفة 14 أكتوبر آنذاك - معول هدم جدار الصمت في جنوبنا، وتحت هذا العنوان تبنّى الأطروحات المفتوحة والجريئة للنقد، وهذا كان محرما طبعا، هنا وجدت نفسي بين كتّاب الصفحات الرئيسة للرأي، وبداية ما تناولتهُ مواضيع تحت يافطة هوامش صريحة حول الإصلاح، وكان برنامج الإصلاح السياسي والاقتصادي الشامل قد تمّ تدشينه في جنوبنا حينذاك، وتزامن معه انطلاق كل الصحف الأهلية الحرة، وفي طليعتها ورائدتها صحيفتنا الغراء "الأيام" ، وهي كانت قد رأت النور في 7 أغسطس 1958م.

وبكلّ صراحةٍ، ويمكن للخبرة العريقة التي تَشَرّبتها منذ نشأتها الأولى، وللقضايا التي نذرت نفسها لها وتبنّتها طوال فترة انتشارها، يمكن لهذا اكتسبت "الأيام" صفات ومقومات قلّ نظيرها بين صحفنا كلها، وهذه التي أرساها المؤسس الأول والقلم الرّائد المرحوم محمد علي باشراحيل رحمه الله وطيّب ثراه، وأيضًا لاقتداء خلفه المرحوم هشام باشراحيل بنفس المنهاج والثّوابت والأسس، ويواصل اليوم نفس المنهاج طيب الذكر وحفظه ورعاه الأستاذ تمام باشراحيل.

"للأيام" نكهة وروح تتفرّد بهما، وأولها وأساسها صدقية التّعاطي والتناول، وهذا أرسى وأوجد لها الحضور والانتشار غير المسبوق، وإلى جانب ذلك تأتي حرفية ومهنية طرح المنتج، وهذا يتبدّى في أسلوب التّبويب وأناقة الإخراج الحرفي للمواد المنشورة في الصحيفة، كل هذا أكسبها نمطا من الالتصاق الحميمي بالقارئ، ولذلك تجدهُ شغوفا متلهفا لاقتنائها.

عندما كتبت في الغرّاء "الأيام"، ومن قبل - أيام تبوء الأستاذ مختار مقطري للصفحة الثقافية والفنية فيها - كنت قد كتبت فيها الرأي الثقافي والفني، ولأنني حصرتُ تناولاتي بعد ذلك في تناول الرأي والرأي السياسي تحديدا، ونشرتهُ الغراء "الأيام" في صفحاتها الرئيسة، كنتُ أحيانا أشتط في الرأي، وهذا يحدثُ كثيرا للمسكين بالقلم، وهنا لا تنشر "الأيام" الشّطط، مع أنها كانت تنشر الكثير مما لا تنشره صحفنا المحسوبة على مجلسنا الانتقالي لما يحتويه من النقد العادي له أو ما شابه.

وكما قلت عندما لا تنشر "الأيام" بعض ما أسطره، يمكن هذا كان يشعرني بنوعٍ من الانزعاج، ولكن بمجرد حصول التّواصل بيني وبين أبي (القامة الإعلامية) الأستاذ تمام باشراحيل (حفظه الله ورعاه)، ويأتيني صوته عبر أسلاك هاتفي المنزلي ودودا رخيما وهادئا، وبعد السؤال عن الصحة والأحوال طبعا، يقول لي: ( لنا في "الأيام" سياسة وضوابط للنشر و ... و ...)، وعندما أعاود قراءة ما كتبته ثانية وثالثة، أجدُ أنني شططتُ حقًا، بل وكثيرًا أيضًا.

هي مدرسة فعلا، وإن جاز التعبير هي أكاديمية إعلامية تعلمك حتى وأنت كبير، ولها أسس وضوابط وسقوف ومعايير تتعاطى بها ومعها في كل ماتتناوله، ولذلك كانت وستظل الصحيفة الرّائدة وأيقونة صحفنا ونبراسها .. رحم الله مؤسسها وناشرها الأول والرائد الإعلامي الفذ محمد علي باشراحيل وأسكنه جنته، ورحم الله من واصل على خطاه وتميّز بالثبات والصلابة في المواقف الواعية والصلبة الفقيد هشام باشراحيل وأسكنه جنته، وأمدّ بالصحة والعافية حامل المشعل والراية الأستاذ الفاضل والأب الحنون تمام باشراحيل، ومثله أبناء فقيدنا الراحل باشراحيل هشام وهاني ومحمد هشام باشراحيل، وكل هيئة تحرير وطاقم نبراس صحافتنا وأيقونتها "الأيام"، وعندما أقول نبراس صحافتنا وأيقونتها "الأيام" لا أجافي الحقيقة، أليس كذلك ؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى