نعم هي الأساس والقاسم المشترك

> أتحدثُ هنا عن الحوار المزمع عقده وقضيتنا الجنوبية، وهي الأصل في قائمة اهتماماتنا جميعًا، أو من المفترض أن يكون الأمر هكذا، ودعوة قيادة مجلسنا الانتقالي إلى الحوار الجنوبي - الجنوبي، وقد أتت من منطلق الرّغبة الصّادقة في لمّ الصف تحت قبّة واحدة لمواجهة الاستحقاقات المفترضة لجنوبنا، ولِتركِ الباب مفتوحًا على مصراعيه للكل، خصوصًا للراغبين حقًا في استعادة دولتنا الجنوبية، وكذلك تخليصها من تحت دواليب قوى الوحشيّة التي هرستها بذريعة الوحدة المزعومة، أو التي انتهت فعلًا على أرض الواقع.

* ثمّة نماذج وأصوات جنوبية نكرة ونشاز، وهي استمرأت ألا ترى نفسها دائمًا إلا وهي مؤطرة في بروازٍ من النّرجسيّة يُجسّدها في صورة الحاكم والآمر وحسب، أو هي لا تستسيغ العيش إلّا وهي حاضرة في صدارة المشهد وحسب، وأيضًا الميديا تتناقل أخبارها: (افتتحت - قرّرت - أصدرت.. إلخ)، ودون ذلك هو الموت عينه وحسب، واليوم قد جرت في النّهر مياهٍ عدّة، وشريط الزّمن قد طَوى من رصيد العمر مسافات ومسافات، لكنها ما انفكّت عالقة حيث هي، ولندع هذا جانبًا الآن.

* لكن لِعتقِ المُنطلق والطّرح في التّعاطي مع الدّعوة الصّادقة للانتقالي في الحوار، وهذا جاء على شكل تخريجات وتأويلات مُجافية للواقع، بل وتتمسّك وتتمترس عند طروحاتٍ مَرقت عليها عجلات قطار الزّمن والأحداث اليوم، مثل الحديث عن المرجعيات الثلاث، أو مخرجات مؤتمر القاهرة بفيدراليته المزمنة.. إلخ، لأنّ الواقع واللحظة في صورة مُغايرة تمامًا اليوم، ثمّ إنّ إيران تطبق بقبضتها وهراوتها على جغرافيا الشّمال، وهذه إيران يا هؤلاء، ولا تحدثونا عن الحوثي الذي تزمعون التّفاوض معه وما إلى ذلك.

* من المقرفِ أن يتخندق البعض في خانة الضّد لجنوبنا وتطلعاته المشروعة لأنهُ لم يُرَاع في الاعتبار، بل هي قمّة النّرجسية والشّطط في عدم تقدير أوضاع شعب جنوبنا اليوم، وأين وصل به الحال بعد شطحاتكم المعروفة؟ وهذا مؤلمٌ لمن تجري في عروقه قطرة دماء حية فعلًا، مع أنّ الباب كان وما انفكّ مُشرعًا للكل، لكنّ البعض لن يتنازل ولن يرضى إلّا عندما يُطرَقُ بابه، أو عندما ترن سماعة تلفونه مصحوبة بصخبٍ إعلامي يذيعُ بصوتٍ مجلجل بأنهُ قد تمّ طرقُ باب فلان والتّودد له و ... و ...

* هكذا هو حالنا في الجنوب بكل أسف، أو هو الموروث الذي تَشرّبناهُ قطرة قطرة خلال فترة حكمٍ عجفاء صَبغنا أديمها بدماء بعضنا في سبيل السلطة، أو بسبب تباينات طغت عليها الرعونة والشّطط في تقييم الآخر الجنوبي وتصنيفه، وغالبًا على خلفياتٍ مناطقية وجهوية رخيصة، وأتحدّى من ينكر هذا، ولذلك بسهولةٍ ابتلعنا من افترضناهم أخوة، وبنفس السهولة يغرسون مساميرهم وأشواك دسائسهم في جسدنا المتشرذم اليوم، سواءً بالمال، أو بالإغراءات بامتيازات ومنصب، وكل هذا مؤقت، لأنهم بعد ذلك يرمون (بالرّخيص) في أقرب صفيحة زبالة، وهذا مُجرّب، ولكننا لا نتعظ بكل أسف ومرارة.

* أفيقوا يأهل الجنوب، وأفيقوا يامن نفترضكم نخبة الجنوب، لأنّ من سمة الزّمن أنه يجري دائمًا إلى الأمام وحسب، ولهذا الأمر مقتضياته وتبعاته، واستوعبوا هذه جيدًا، لأنّنا ما انفكينا نستجر الماضي ونعجنُ الماء، أو نتوهّم أننا الصفوة وأنّنا قَدرُ الجنوب، أو أنّنا المخلدون دائمًا وأبدًا، وهذا ليس من سمات ولا نواميس الطبيعة وقوانينها، أليس كذلك؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى