الاعتراف الأخطر

> اعترف وزير الخارجية السعودي، في حديث لقناة فرانس 24، بأن الوضع في اليمن قد وصل إلى طريق مسدود دبلوماسياً وعسكرياً.

هذا الاعتراف الكاشف لحقيقة التطورات السياسية العسكرية لا يحمل في ثناياه إلا حالة سعودية محاصرة بالفشل والإحباط، جراء عدم إنجاز أي من الانتصارات في ميدان المعركة، وأن تقدمات الطرف الآخر في الجبهات لا يساعد في تليين موقفه المتصلب أو القبول بالمبادرات والالتحاق بالمسار السياسي، لحل موضوع الحرب وتقاسم حصص الحكم، وفق قاعدة الحل المتوازن.

من يشكل قاطرة حل ويصوغ المبادرات في كل الحروب، ليس المهزوم بل المنتصر، وبالتالي فرض الشروط يتأسس على مخرجات وموازين قوى الحرب، وهذا ما يمتلكه الحوثي وتفتقده السعودية والأطراف الملحقة بها، حيث تنشطر ميادين القتال إلى نصفين منتصر بمقاييس الوقائع اليومية، ومهزوم بمقاييس ذات الوقائع.

الحوثي يهيمن على كل الشمال ويتمدد بأريحية صوب الجنوب، ويكتسب أوراقاً استراتيجية من محافظات الثروة إلى الممرات والمضائق المائية الدولية، مراكماً بين يديه كل أوراق اللعبة ومفاتيح الصراع، ساخراً من عقم المناشدات والتلويح بالعقوبات الهزلية، حيث لا شيء يملكه لا شيء يخسره، يمضي بخيارات غير منضبطة نحو مواجهة صفرية.

بوابة الضغط الوحيدة هي إيران والملف النووي وهو ملف يقطر خلفه إمكانية حلحلة أو تعقيد ملف اليمن، حسب نتائج جولات التفاوض مع الغرب وحجم المكاسب المحصلة.

السعودية على لسان وزير خارجيتها، محقة تماماً بالإشارة إلى الأفق المسدود في حرب اليمن، ما يعني أنه لم يعد لديها من شيء تستطيع فعله، على الصعيدين السياسي الدبلوماسي والميداني العسكري، وهو تصريح مهذب للهزيمة، وإقرار ملطف بأن جميع الأطراف أمام واقع جديد يُصاغ إقليمياً من قبل إيران، ومحلياً من قبل ذراعه الطولى الحوثي.

من يعجز في الحرب يفشل قطعاً في السياسة، وهذا هو حال السعودية في اليمن، وهذا ما يمكن أن يفتح على خيارات بديلة.

الانسحاب والإقرار أن اللعبة انتهت، وأن مصالحها في التقارب مع طهران، وأن الواقعية السياسية تقتضي الاعتراف بالحوثي كسلطة أمر واقع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى