نجيب محمد يابلي.. أيقونة عدن

> ابن (الفيحاء) الشيخ عثمان حالة استثنائية في النطاقين الإنساني والإبداعي، حين يكون الإنسان في الكاتب هو نفسه الكاتب في الإنسان. لا يتخلف نجيب عن دوام الكتابة وبشكل ملفت؛ على الأقل في ربع القرن الماضي منذ زاملناه بصحبة حميدة على صفحات (الأيام) الغراء. كنت أداعبه بالقول أن (فلاديمير إيليتش لينين) كان يكتب مقالات أسبوعية في الصحف الأوروبية أكثر من عدد أيام الأسبوع قبل تنصيبه إمامًا للملحدين في روسيا عام ١٩١٧م - على حد قول إمام اليمن يحيى حميد الدين - رحمه الله.

وبمقدرة عبدالله النديم يستطيع اليابلي شحذ العاطفة في الدراما الإنسانية بحكاية عابرة مرقت من أمام ناظريه ولم يغادرها هو قبل أن تكتمل فصولها على يديه مقالة نابضة.

ونستطيع أن نختزل اليابلي بالكلمة حين تكون الكلمة مجردة للوطن وطلقة من أجل تحريره من محنته بعد عدوان 7/7/1994م. بينما كان بإمكانها (الكلمة) أن تسقط في مسلك مراوغ بالزلفى إن شئت؛ كما فعل كثيرون، أو عن طريق الانضمام لجوقة حملة البخور.. ولكن هيهات.

وللإنصاف والتاريخ والحقيقة كانت دعامة النضال بالكلمة - الطلقة في فوارة البركان الجنوبي: شخصية عظيمة هي شخصية الأستاذ الكبير هشام باشراحيل بكاريزما ابن عدن الأسطورة.

ورسمت (الأيام) بهشام وأخيه تمام باشراحيل خارطة التصعيد من أجل الجنوب في وقت كان المنافح عن وطنه كالقابض على جمرة من جهنم.

لم يكن في مسلك (الأيام) غلوًا ولا تطرفًا ولا شعبوية لتثوير الشارع بأيديولوجيا محلية أو وافدة. ولكنها كانت حالة وطنية صرفة تعتمد الحق وتمتهن المصداقية في تعاطيها مع الكلمة والصورة والكاريكاتور لشرح حالة الجنوب وذلك سر نجاحها والذي فطن إليه الطرف الآخر وجعلها في رأس القائمة السوداء فنالها وأهلها كثير من الألم والمعاناة وفي المقدمة الأستاذ هشام باشراحيل.

يجد اليابلي ضالته في (الأيام) ليس بين الحبر والورق فقط، وإنما في النشاط الاجتماعي والسياسي والثقافي خارج أروقة وهدير المطبعة؛ في منتدى (الأيام) مثلا، واللقاء بالشخصيات السياسية والدبلوماسية والإعلامية العربية والأجنبية، لتسنيد ودعم حراك شعب الجنوب وإيصال صوته في متلازمة مع ما تقوم به الصحيفة.

كنا نمسك الخشب كلما كان ابن الشيخ عثمان وفيًا بتوثيق تاريخ عدن عن طريق مقالته الأسبوعية (رجال في الذاكرة) ودون انقطاع إلى جانب مقالاته المعتادة. حيث ترتقي هذه السلسلة الضخمة إلى مصاف الموسوعة التي سيجد فيها الباحث مادة وافية عن وجوه هذه المدينة الساحرة. ولا استبعد أن يكون للباشا الكبير هشام باشراحيل دورًا في دفع اليابلي لاختطاط هذا النوع من الكتابة، فهشام مسكون بعدن كما هو اليابلي أيضًا وإن: (القرين بالمقارن يقتدي) كما قال الشاعر طرفة بن العبد.

اليوم؛ كنانة مصر العروبة تقول لنجيب يابلي الذي أحبها عن بُعد: (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) هو حالة مرضية ستزول بإذن الله، وهي (مصر) ستكون حالة إبداعية كتابية عند نجيب كان ينتظرها منذ حين.

عودة حميدة أستاذ نجيب يابلي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى