لنضع الأصبع على الوجع

> باختصار، البلاد على كف عفريت، تحديداً اقتصادياً، ومؤخراً استبدلت إدارة البنك المركزي، والشارع هلّل لذلك، لكن معظم الناس لا تدرك أن لو جيء إلى هنا بأفضل رجال المالية العامة العالميين والناجحين لفشلوا، لأن العبرة ليست في الإدارة وحسب، بل هي أيضاً في آليات إدارة البلاد عموماً.

هنا الدولة منفلتة، والدولة العميقة تفعل فعلها فيها بكل حرية، واسألوا مثلاً عن شخص مثل علي محسن الأحمر وأتباعه، وهو تعين نائب للرئيس بضغط السعودية ودعمها له، وهذا له خلفيات تاريخية ومصلحية وخلافه، وهو يدير البلاد بصلاحيات مطلقة، وبعقلية رجل القبيلة، بل بطريقة عرّابي عصابات المافيا، ومعظم التعيينات الخرقاء المفروضة هنا تأتي من جهته، وأداؤه لا يتسم بالمؤسسية، ووفق مصالحه وأتباعه وعرّابيه الكبار، فقد قسم البلاد إلى كانتونات، وبينها من لا تسري فيها أوامر الرئيس نفسه ومأرب هنا أنموذج.

البنك المركزي هو بنك البنوك، وهو المعني بإدارة المالية العامة للبلاد، لكن بنك بنوكنا لا علاقة له ولا صلة بكل عائدات مبيعات نفطنا، كما لا تصله كل إيرادات مأرب وتعز.. إلخ، وطبعاً القطاعات والمحافظات التي أشرنا إليها تقع تحت هيمنة الجنرال وأتباعه، بل هو يستقطع من مبيعات النفط ما نسبته 30 % إلى جيبه الخاص، والباقي يورّد إلى بنوك الرياض لصرفيات السلطة المهاجرة، لا تعجبوا هنا.

هذا يعني أن قرار تغيير إدارة البنك المركزي هو مجرد دوي طلقة رصاص كاذبة، أي رصاصة بلاسهم ولا تصيب مهما كانت نظافة يد وخبرة المعينين الجدد، مع أن هؤلاء الأخيرين يطالبون فقط بالوديعة السعودية وكأنها كل شيء، ثم أن الإدارة السابقة، تحديداً شكيب الحبيشي، فقد فرّخ إدارة البنك بطابور من مدراء الإدارات والأقسام من أتباعه، وأغرق سوق المال الداخلي بتراخيص لمئات من أكشاك الصرافة، وهذا لم يحدث في أي بلد سوي، وكل ما يحدث هنا هو من فعل وبإشراف الدولة العميقة بزعامة رئيس الظل النافذ محسن.

ما يجري هنا معقد ومتداخل الأطراف المؤثرة فيه، وما يفترضه البعض على خلفيات الحرب مع الحوثي وحسب، فهؤلاء قصيري نظر ولا شك، لأن الحوثي مجرد وكيل حرب لإيران ويأتمر بأمرها، وإيران لها تطلعاتها في رقعتنا العربية وهذا ثأر تاريخي، وستبث فيه مخرجات الاتفاق النووي، والإقليم له أذرعه وسطوته وتطلعاته وخلافه، والفاعلون المحليون يتحركون بأوامر عرّابيهم في الإقليم والخارج كما يحدث في بلداننا العربية الملتهبة، أي أننا هنا مجرد حلقة من حلقات السيناريو الكبير في كل منطقتنا الشرق أوسطية، وهذا هو الواقعي، أليس كذلك؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى