الهبة الحضرمية الثانية

> حضرموت حباها الله بأهلها الطيبين وأرضها المعطاة وشواطئها الجميلة وأوديتها الخضراء وصحاريها التي تكنز في جوفها الذهب الأسود ومعادنها المتنوعة، وأهمها المعدن الأصفر (الذهب)، هذه حضرموت هي الجنوب العربي (S . A)، وهي كنز حضاري وثقافي وسياحي من أثمن كنوز العالم. فيها وادي حضرموت الشهير الذي يعتبر كنزا سياحيا وحضاريا في تاريخه ومعماره وثقافة أهله، وفي أرضه الزراعية ومياهه الجوفية الغزيرة والعذبة، فهو سلة غذائية متكاملة للجنوب العربي، وفي باطن الرمال والجبال ثروة، وهناك شبام التي بها ناطحات سحاب شهيرة من أقدم ناطحات السحاب في العالم.

حضرموت، بكل ما حباها الله، ابتلاها بما ابتلى به كل الجنوب من أسوأ احتلال في العالم الذي استباح الأرض، ونهب الثروة، ودمر المؤسسات الثقافية ومؤسسات الدولة المدنية، وحاول طمس الهوية الحضرمية التي هي في الأصل هوية الجنوب العربي.
احتلال حاقد على كل ما هو جميل، لا يهمه من هذه الأرض وتلك الحضارة والهوية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ إلا ما ينهب من ثروات فقط، حضرموت التي لا يراها الاحتلال إلا محطة بنزين ومنجم ذهب.

وفي سبيل ذلك، زرع الخوف والرعب والجهل والفقر والمرض، ودمر الإنسان ومكوناته الحضارية والثقافية بجيوشه وألويته الجرارة المدججة بأحدث الأسلحة، التي ما إن بسطت سيطرتها على حضرموت حتى تحولت إلى أداة قمع ضد المواطنين؛ لتحمي ناهبي الثروة الغارقين في الفساد والعابثين بكل جميل وطيب.

حرموا أهل حضرموت من ثرواتهم، وما زلت أتذكر زيارتي للشحر واجتماعي بالمختصين في المياه هناك بالصدفة، حيث كنت أجري دراسة لجدو تدخل إحدى المنظمات الدولية، بحضور وزير المياه في حكومة الاحتلال في العام 2014م (وبالمناسبة كان يوم عصيان مدني تم رمي بن دغر في ذلك اليوم في المكلا بالحجارة)، وتم نقاش مشروع مياه الشحر المتعثر، رغم أنه تمويل ألماني، فالماء لا يصل للشحر من المسيلة، لكن النفط يصل منها إلى ميناء الضبة، وقد لاحظت مياه الصرف الصحي تلوث ساحل السحر و تصب في مياه بحر العرب، وفي المكان نفسه تصب أنابيب النفط إلى مخازن البواخر الرابضة في ميناء الضبة، أي قهر بعد هذا القهر، وأي نهب بعد هذا النهب وأي ظلم بعد هذا الظلم ؟

لقد كنت أدرك أن أبناء حضرموت لن يطول صبرهم، وقد لمحت في وجوه رجالها الأبطال ملامح الغضب من هذا الواقع، وأدركت أنها مسألة وقت وينطلق المارد الحضرمي ليقول كفى نهبا وسرقة لثرواتنا أيها الطغاة البغاة، وها هي اليوم الهبة الحضرمية الثانية تحقق لأبنائها السيطرة على ثرواتهم، وتمنع نهب ثرواتهم، وتكشف حجم ذلك النهب والفساد.

الحضارم، اليوم، على وشك إغلاق البزبوز، وجعل ثروات حضرموت لأبناء حضرموت، وها هي فرائص الطغاة والمستفيدين وناهبي الثروة والفاسدين ترتعد خوفا من المارد الحضرمي، وهاهم أبناء الجنوب العربي في مختلف مناطق الجنوب يعلنون تضامنهم وتأييدهم ودعمهم للهبة الحضرمية، وكم هو مخزٍ ومهين لسكان الفنادق وناهبي الثروة، وكم هم رخيصون، ويظنون أن أبنا حضرموت بنفس مستوى رخصهم، فيعرضون عليهم تعيين وكيل للوادي مقابل وقف الهبة، ويعتقدون أن أبناء الجنوب العربي طامعين في مناصبهم المهترئة، ويسقطون سلوكهم على الأبطال والشرفاء.

إن لطمة بن سميدع، اليوم، التي وجهها لهم ربما لا تكفيهم، وسيحاولون ويحاولون اختراق صفوف الهبة الحضرمية الثانية، ولكن هيهات أن يفلحوا! وننصحهم أن يتوقفوا عن تلك المحاولات، وأن يتركوا الأرض وثرواتها لأهلها، ويحافظوا على ما تبقى من وشائج إنسانية مع هذا الشعب العظيم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى