والله زمان يا أهلي الغيل ..!

> محمد العولقي

> * قاعدة السيرك الشهيرة تقول :"اترك العرض في الوقت الذي يطلب الجمهور المزيد" .. كما لو أن نادي أهلي الغيل عمل بتلك القاعدة الذهبية مرتين : مرة عندما كان شاهداً على حادثة كروية ليس لوقعتها كاذبة ، ومرة ثانية عندما قاطع الأضواء مع آخر رقصة لم تبارح الذاكرة .. وفي الأولى : كان أهلي الغيل هو الفريق الوحيد الذي أذل ناصية التلال في موسم 1982 - 1983م فعندما هزمه في بارادم بالضربة الماحقة بثلاثة أهداف دون رد ، والتلال في ذلك الوقت كان غولاً لا يرحم ولا يخسر .. وفي الثانية قدم الأخوان عبد الله وفرج باعامر آخر رقصة على ملعب الشهيد الحبيشي، وكان ضحيتها فريق شمسان وحارسه العنكبوت عادل اسماعيل الله يرحمه.

* وبين الحادثتين التاريخيتين توارى قمر الأهلي مع اعتزال المايسترو ، والقائد والمبرمج عبد الله باعامر وتلاشت قواه ، وتجمدت جودته كروياً ، كما لو أنه تعرض لعملية تحنيط عند أكبر أطباء الفراعنة .. لم يتبق من تلك الدراما الغيلاوية سوى نبشا في وشم كروي استحال إلى تمثال في متحف مدام توسو ، وبقيت رقصة الأخوين نموذجا في دار الأوبرا يتم عرضها على مسرح البولشوي.

* هذا الأسبوع فاجأني (أبو معتز) بخبر يراه سبقاً : أهلي الغيل يفوز بالبطولة الرباعية لساحل حضرموت .. ولأنني بطبعي لا أهوى الخبر التقليدي المتوقع ، فقد تعاملتُ مع الخبر على أنه نادر الحدوث عملاً بمدرسة مصطفى أمين الإنسان عض كلباً ، هذا هو الخبر غير التقليدي .. يا ألف سبحان الله عليكم يا أحبتي أهل الغيل : تستيقظون من سباتكم بعد أن لبثتم في الكهف ، سنين عددا وقد تعرضت ذاكرتي لعوامل التعرية .. تشعلون داخل معبد قلبي المعتم ، شموع الحاضر ، في وقت فتشت عن الأهلي في كل مكان و سألت عنه موج بحر المكلا وفيروز الشطآن .. يا مليون سبحان الله عليكم أحبة غيل الساحل : توقظون حلما شاردا نائما في جفن الردى وقد شاب شعر رأسي ، حتى أصبح يُحاكي مملكة النمل ، تُرسلون لي من زمنكم قبسا ، وقد بكيت أهلي الغيل حيا وشيعته حيا ، تسمعون اليوم الجوزاء ، وقد ترعرعت أحزاني وكبرت داخل قلبي ، حتى أصبحت أشجارا.

* خبر فوز الأهلي بالبطولة سار جدا بالنسبة للذين يجهلون مدرسة فنون الأهلي .. لقب جاء في وقت ظنوا - وبعض الظن ليس إثماً - أنهم كانوا يطاردون خيط دخان ، لكنه بالنسبة لي خبر عودة الروح إلى الجسد ، وما أصعب أن تهوى فريقا موسيقيا طال شتاؤه ، واستطال ليله العاري على صدري أنا وحدي .. غربلتُ ما تبقى لذاكرتي من رماد الصورة ، توقفت عند تحفة حضرموت التي صانها الرحمن من أحلى التحف الكابتن عبد الله باعامر ، وشهادتي في عبقرية (عُبادي) ليست مجروحة ، فهو أعظم مايسترو قاد فرقة الإنشاد الكروية للجنوب، وهو الدان الحضرمي الذي يعدل المزاج.

* وأحتفظ لصقر الهجوم الآخر (فرج باعامر) بصورة خلود لا تبارح الذاكرة فهو المهاجم القناص الخطير الذي يشم الأهداف حتى وهو نائم ، وهو الهداف المستحيل ، الذي تفنن في تسجيل الأهداف المستحيلة ، من أنصاف الفرص .. أووووه .. هناك أيضاً النفاثة (سعيد باشطح) السريع الذي يقلع نحو مرمى المنافس ، بسرعة الضوء وهو الجناح المشاكس الذي يحول المسافات خلفه إلى صقيع.

* استمتعت بما جادت به قريحة الأديب صالح باعامر ، برع في فنون الكرة ، مثلما برع في ميدان الأدب ، لست أدري ما بقي عالقا في الذاكرة (المدودة) ، ربما بن همام والمطملي والعتب على خيانة صدى السنين الحاكي، المعذرة سأتوقف هنا مجبراً لا بطلاً ، غصة ما في حلقي تمنعني من استعادة ذلك الزمن، سأنتحب وحيدا في العراء، أحتفل مع عودة الأهلي لغيله بدموع الجوى ولوعة أهل الهوى.

* شكراً لأبناء الغيل الجدد ، الذين ذكروني بعيد الأهلي .. شكراً لهم لأنهم بالفعل أيقظوا من أحشائي (متنبياً) يسأل كل محب متلهف لأهلي الغيل : "عيد .. بأي حال عدت يا عيد على أحبتي وأهلي في الغيل ..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى