أمريكا تقيس نبض السعودية والإمارات لمعرفة مدى اهتمامهما بالتدخل بين روسيا والغرب

> واشنطن "الأيام" العرب

> ​وصف مراقبون اتصال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بأنه يأتي ضمن مسعى أميركي للبحث عن دور إماراتي في تهدئة التصعيد الروسي ضد أوكرانيا؛ وذلك بالاستفادة من العلاقة القوية التي تجمع بين أبوظبي وموسكو على مستويات مختلفة.

ويأتي هذا في وقت سعت فيه الولايات المتحدة كذلك لجس نبض السعودية ومعرفة ما إذا كانت مهتمة بلعب دور على هذا المستوى.

وقال المراقبون إن الأميركيين يريدون استثمار العلاقة الجيدة التي تربط الإمارات بروسيا؛ وهي علاقة متشابكة ومتعددة الأوجه تجمع بين العلاقات الاقتصادية والعسكرية المتينة من جهة، والتحالف على مستوى منظمة أوبك+ لإنتاج النفط من جهة أخرى. وهو ما يتيح لواشنطن تأمين قناة تواصل متينة وذات مصداقية لدى الطرفين الروسي والأوكراني يمكن من خلالها توصيل رسائل التهدئة التي يبحث عنها الغرب لوقف مواجهة غير متكافئة بين الطرفين.

وقال بيان صادر عن الخارجية الأميركية إن بلينكن ناقش مع الشيخ عبدالله بن زايد الهجوم الروسي على أوكرانيا، وإن “الهجوم جاء عن سابق تصور وتصميم ودون أي استفزاز أو تبرير”.

وتابع البيان “ناقش الوزيران أهمية بناء استجابة دولية قوية لدعم سيادة أوكرانيا من خلال مجلس الأمن الدولي”.

ويأتي اتصال بلينكن بالشيخ عبدالله بن زايد بعد اتصال جرى الأربعاء بين وزير الخارجية الإماراتي ونظيره الروسي سيرجي لافروف وتم التأكيد خلاله على قوة ومتانة علاقات الصداقة بين أبوظبي وموسكو، و”الحرص على تعزيز آفاق التعاون الإماراتي – الروسي في المجالات كافة بما يحقق مصالحهما المتبادلة”.

واعتبر محللون سياسيون أن اتصال لافروف ولاحقا بلينكن بالشيخ عبدالله بن زايد يؤكد أهمية كسب موقف الإمارات بالنسبة إلى روسيا والولايات المتحدة في مقاربة الصراع الدائر في أوكرانيا، وهو رسالة أيضا مفادها أن أبوظبي يمكن أن تكون قناة خلفية للتواصل من أجل تهدئة التوتر وإيقاف المعارك بعيدا عن تصريحات التهديد والوعيد التي تصدر عن طرفي الأزمة، وخاصة من الغربيين.

ويرى المحللون أن الدول الكبرى دائما تلجأ إلى فتح قنوات تواصل بعيدا عن الأضواء لحلحلة الأزمات القائمة بينها وتغليب المصالح على الحملات الدبلوماسية والإعلامية، وهو ما يجعل وساطة الإمارات وبإسناد من السعودية أمرا ممكنا خاصة بعد أن أظهرت تصريحات وزير الخارجية الإماراتي حياد أبوظبي في الصراع.

وما يساعد الإمارات على لعب دور الوسيط هو عضويتها منذ يناير الماضي في مجلس الأمن، والتي توفر لها حرية التواصل بين مختلف الفرقاء المتدخلين في الأزمة بمن في ذلك ممثلو الدول القارة في المجلس.

وكان لافتا أن بعثة الإمارات لدى الأمم المتحدة قد ركزت خطابها المتعلق بالأزمة الروسية – الأوكرانية على دعوات التهدئة والحوار والبحث عن حل سياسي ولم تنخرط في موجة الإدانات ولم تقف في صف هذه الجهة أو تلك، وهذا يوفر أرضية للوساطة المطلوبة.

وقال السفير محمد بوشهاب نائب المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة “بلادنا دعت إلى خفض التصعيد وإيجاد حل سلمي للأزمة بين أوكرانيا وروسيا”. وتابع “نؤكد على ضرورة اللجوء إلى الحوار وتكثيف الجهود الدبلوماسية لدعم فرص السلام بين روسيا وأوكرانيا”.

واعتبر أن اتفاقات مينسك لا تزال تشكل أساسا جيدا للوصول إلى حل سلمي للأزمة، وقال “الوضع المتأزم في شرق أوكرانيا قد يفاقم الوضع الحرج للمدنيين”. وأضاف “هناك تحديات تتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. ندعو إلى وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا”.

من جهة ثانية قامت الولايات المتحدة بجس نبض السعودية لترى إن كانت الرياض في وارد التدخل، وتركت الأمر لمكالمة على مستوى نائبيْ وزيريْ الخارجية في البلدين.وكانت الولايات المتحدة وألبانيا قد قدمتا مشروع قرار إلى مجلس الأمن يدين اجتياح روسيا لأوكرانيا ويطالبها بسحب قواتها فورا من هذا البلد، وهو نص محكوم بالفشل بسبب حق النقض الذي تمتلكه موسكو في المجلس بصفتها عضوا دائما فيه.

وجرت مساع لإقناع الهند والإمارات، العضوين غير الدائمين في مجلس الأمن ، بالتصويت تأييدا لمشروع القرار، لكنهما لم تؤكدا تأييدهما لمشروع القرار خلافا لغالبية أعضاء المجلس.

وأفاد موقع الخارجية الأميركية بأن ويندي شيرمان، نائبة وزير الخارجية، تحدثت مع وليد الخريجي نائب وزير الخارجية السعودي عن الهجوم الروسي على أوكرانيا وأهمية بناء استجابة دولية لدعم سيادة كييف.

ويرى مراقبون ودبلوماسيون أن التغييرات التي يشهدها الخليج العربي في علاقته بالولايات المتحدة وتبنيه مسار تعدد الحلفاء والشركاء أشعل التنافس الدولي لكسب ود دوله التي تمتلك أوراق قوة ومزايا استراتيجية واقتصادية، وهو ما يوفر لها أرضية للعب دور دبلوماسي تعديلي في القضايا الدولية.

وأشار المراقبون والدبلوماسيون إلى أن دولة الإمارات نجحت في أن تكون عنصر جذب لشركات عالمية اقتصاديا وعسكريا ومثلت قبلة لزيارات مسؤولين دوليين بارزين انتهت إلى اتفاقيات كبرى، وهي إلى جانب ذلك مركز استراتيجي وحلقة وصل في الاقتصاد العالمي. كل هذا يُكسبها ميزة تفاضلية تتيح لها ما لا تتيحه لغيرها من لعب دور دبلوماسي إقليمي ودولي.

ولفت هؤلاء كذلك إلى أن اسراتيجية تصفير المشاكل التي اعتمدتها أبوظبي لحل الخلافات الإقليمية مع تركيا وقطر وإيران ستوفر ورقة دعم إضافية لدور الوسيط ذي المصداقية والذي يمتلك علاقات مميزة مع مختلف الفرقاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى