خطورة ما يدعونا إليه البركاني

> حشر البركاني بطريقته الانتقالي في بوتقة الأحزاب والمكونات اليمنية، ليقعدوا على طاولة مستديرة، لوضع مخرج لليمن من أزمته، وهو يدرك أن الأزمة اليمنية أزمة مركبة تتمثل في قضية وطنية للجنوب؛ قضية هوية وأرض وإنسان وسيادة وثروة ودولة بعد فشل مشروع الوحدة، وضم وإلحاق الجنوب العربي بالهوية اليمنية والدولة اليمنية.

هذه القضية يمثلها المجلس الانتقالي الجنوبي ومعه كل قوى التحرير والاستقلال الجنوبي، وهناك قضية سلطة بين القوى السياسية اليمنية تعمقت بعد انقلاب الحوثي والاستيلاء على السلطة في صنعاء، وهذه المشكلة تمثلها الأحزاب اليمنية، وتتفرع عنها المشكلة مع دول الجوار والملاحة الدولية وهوية المنطقة وهي مرتبطة بصراع إقليمي ودولي، وهناك اتفاق مرحلي بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والتي تدخل في تشكيلتها الأحزاب اليمنية؛ هو اتفاق الرياض الذي أكد مجلس الأمن الدولي في قراره الأخير2624 الصادر نهاية فبراير الماضي على ضرورة تنفيذه ويطالب المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية بعدم اتخاذ قرارات منفردة خارجة عن هذا الاتفاق، وبهذا التركيب والتعقيد للأزمة يأتي البركاني لخلط الأوراق والالتفاف على اتفاق الرياض صراحة بقوله إن القوات العسكرية لن تخرج من حضرموت والمهرة؛ لأن هذه المحافظات إن خرجت تلك القوات ستسقط يقصد تسقط بيد أبنائه، وسينتهي الاحتلال الذي وقع عليها في 1994م، ولإنقاذ تلك المحافظات من السقوط يدعو إلى الالتفاف على اتفاق الرياض، وخلط الأوراق في مؤتمره الذي يدعو أن يشترك فيه الانتقالي والاشتراكي والمؤتمر والناصري والبعثي وووو.. وأعتقد أن البركاني لا ينطق مما تجود به قريحته؛ لكن هناك من كلفه بهذا التصريح. إن حشر الانتقالي مع الأحزاب اليمنية في بوتقة واحدة كانت القوى السياسية اليمنية قد جربته في حشر الحراك السلمي في مؤتمر حوار صنعاء، وقدمت إغراءات كثيرة تبخرت بمجرد دخول فصيل من الحراك في ذلك المؤتمر، إلا أنها وجدت نفسها في آخر المطاف أمام واقع هو لابد من تفاوض جنوبي شمالي، فكانت تلك الجلسات الشهيرة بين الشمال والجنوب، والذي تم التحايل عليها وقاد إلى انسحاب وفد الحراك. وأعتقد أن تحركات طارق عفاش في شبوة نعتقد أنها تناغم مع دعوة البركاني، وهي مرفوضة، فقد قدّم شعب الجنوب المزيد من التضحيات لتحقيق حريته واستقلاله وليس لإعادة محتليه الذي سبق لهم أن عاثوا في الجنوب فسادًا ونهبوا ثرواته واستباحوا سيادته ودمروا دولته، واليوم (فمن يجرب المجرب فعقله مخرب)، قد يقول قائل إن هذا التفكير هو عقيم وغير سياسي؛ لأننا إن لم نلبِ دعوة البركاني سنعيش في عزلة سياسية ونترك الساحة للطرف الآخر، وفي هذا قد يكون هناك شيء من الصحة، لكن الدخول في معمعان الأحزاب اليمنية التي تدعي تمثيل الشمال والجنوب فهو أخطر مما يحذرونا منه من عدم المشاركة، فالانتقالي مفوض بتمثيل الجنوب داخليًا وخارجيًا، وليس حزبًا أو مكونًا سياسيًا يمنيًا ليقعد على طاولة واحدة مع الأحزاب اليمنية، فأي حوار أو تفاوض يمضي إليه الانتقالي ينبغي أن يكون جنوبيًّا شماليًّا فقط، تكون فيه القضية الجنوبية هي أولوية على كل القضايا وعلى أساس خيار الدولتين.

قد يقال لنا هذا مؤتمر لحل قضايا آنية وليست نهائية، ففي هذه الحالة يطرح سؤال ألم يكن اتفاق الرياض آني وقد كان بين طرفين جنوبي ويمني، ثم أننا بحاجة إلى إثبات حسن النية، فلتعلن تلك الأحزاب تأييدها لحق شعب الجنوب في استعادة دولته، وبالمجلس الانتقالي ممثل لشعب الجنوب، وحينها يمكن دراسة كيف ستكون المشاركة، وعلى أن تكون بعد تنفيذ اتفاق الرياض، وليس قبل ذلك، والتفافًا عليه، هذا رأيي الشخصي بين كوم من الآراء والضغوط والمقترحات، فهو قطرة صغيرة في بحر متلاطم بالأمواج.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى