اتحاد الكرة .. انفصالي ..!

> * حذرنا من خلط ماء الرياضة بزيت السياسة ، وقلنا لاتحاد الكرة المغترب في القاهرة ، والبعيد كل البعد عن الواقع الجديد في عدن، وغيرها : إذا رأيت النار شبت في بيت جارك ، فسارع بجلب الماء إلى دارك .. وفي حرب البيانات بين الاتحاد من جانب وأندية عدن من الجانب الآخر ما يوحي بأن القادم خطير للغاية في ظل العناد وتبادل الاتهامات وقدرة كل طرف على اللعب على نفس الوتر (السياسي طبعاً).

* قرأت بيان الاتحاد الأخير ، بكل ما يحمله من تهديد ووعيد ، وويل وثبور وعظائم الأمور، فاكتشفت أن (الاتحاد يحول الاختلاف إلى خلاف)، وإلى مباراة (كسر عظام) ، ولأن الاتحاد اتحاد الرجل الواحد فهو لا يكبر (الجي) ولا يروق (الدي) على حسب تعبير الممثل أحمد مكي في فيلم (مرجان أحمد مرجان) ، لهذا ينظر لمسألة الخلاف مع أندية عدن على أنها مسألة (كسر شوكة) وحياة أو موت في ظل الاحتقان السياسي والجليد الذي يغطي كل المشاعر.

* حاولت عبثاً أن أجد أرضاً يمكن أن يلتقي عليها الطرفان لحل الخلاف بالتي هي أحسن ، ولصالح تجاوز أفق السياسة الضيق ، فكانت المفاجأة أن الاتحاد أحرق كل الأرض التي يمكن أن يلتقي فيها بأندية عدن، والمفاجأة الأخرى أن أندية عدن أحرقت الأرض التي يمكن أن تشكل نقطة التقاء لإنهاء الأزمة المفتعلة سياسيا.

* يعتقد رئيس جمهورية اتحاد الكرة ، أنه وصي على الأندية ، يستطيع أن يأمر فيُستجاب له في الحال دون نقاش ، كما يحدث مع الذين يهزون رؤوسهم لرئيس الاتحاد ليلاً ونهارا ولا يناقشون أو يتكلمون شأنهم شأن (مندوب الإمام أحمد) في جامعة الدول العربية زمان ، لكنه يتغافل في ظل النزعة السيادية ، أن البلد متشظي ، ومتقطع الأوصال ، وأي دوافع لا تراعي الوضع ستكون بمثابة صب المزيد من الزيت على النار المستعرة أصلا.

* قرأت بيان الغضب الاتحادي ، فقرة فقرة ، وشرحته حرفا حرفا ، وأيضا لم أجد ما يمكن أن يشفع للاتحاد مبرراته الأوهن من بيت العنكبوت ، في تطويق وخنق أندية عدن وعزلها دون أن يراعي أنه بهذا التصرف الأرعن يخدم مشاريع التمزق ويلعب بالنار أمام بوابة السياسة.

* لا يحتاج رئيس الاتحاد الشيخ أو الأخ أحمد العيسي إلى نصف فرصة، ليثبت لنا أنه يمتلك العصمة بيده ، تماماً مثلما أنه لا يحتاج إلى تقطيب الجبين والتعامل مع الأندية بالعين العدنية الحمراء ، لكن المشكلة أن الوضع المتأزم مع أندية عدن ، بحاجة إلى لين الفؤاد ورقة القلب ، تماشياً مع وضع لا يمكن تجاهله أو التعامل معه برفق يقرب ، ولا يشتت، وتنازل يوحد ولا يفرق.

* رئيس الاتحاد يعاند عناد القبيلي لقبيلته ، لا يدرك أن ما يفعله من قرارات مجحفة ظالمة ، بحق تاريخ أندية الجنوب في مختلف الدرجات ، سيرتد عليه ، انطلاقا من مبدأ لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ، ولو نظر خلفه وأمامه ، سيفهم أن تلويث الرياضة بالسياسة ، عمل مقرف ، فكما كانت الرياضة سبباً في الوحدة ، ستكون أيضاً سبباً في تفكيكها بهذه التصرفات الكيدية، ومن لا يقرأ التاريخ ويتجنب تسييس الرياضة يعش أبد الدهر بين الحفر.

* الآن فقط يمكن للجنوبيين التواقين لاستعادة الدولة أن تكبر آمالهم في تحقيق هذا المبتغى ، لأن الاتحاد الذي عزل أندية عدن ، يمارس بهذا الاستهداف ، والإستقصاد المركب سلوكا انفصاليا ، ويقدم خدمة العمر لتشجيع المعارضين له ، على تشكيل تكتل جنوبي رياضي ضخم ، يضم مختلف المحافظات الجنوبية، وقد بدأت بوادر هذا التكتل، تظهر للعيان، فناديا صمود الضالع وشرارة لحج انسحبا من تجمع لودر المؤهل لدوري الثانية ، تضامناً مع استبعاد الميناء والمنصورة العدنيين من المشاركة ، وهناك أندية أخرى في أبين وشبوة وساحل حضرموت بدأت تلوح بخيار التكتل للخروج من متاهة اتحاد الكرة السياسية.

* نعم يا رئيس الاتحاد طالما فكرك سياسي ومبدأك تصفية حسابات مع خصومك السياسيين في عدن ، فكرة الثلج سوف تكبر وتكبر ، وعندها لا يمكنك الإمساك بزمام الأمور، وعندما تفهم اللعبة كيف تدار وتحاول إصلاح ما أفسدته السياسة ، ستكتشف أن قوة أندية الجنوب ، لم يعد ينفع معها التصالح على حسب القاعدة المرورية، سيئة السمعة (ثلثين بثلث).

* في تصوري أن أندية عدن التي تسنى لها رؤية النجوم في عز الظهر ، ليس لديها ما تخسره في حرب البيانات مع اتحاد الكرة ، فوضعها أساساً في (التنك) ، وحالتها تصعب على الوزير والغفير والعفريت أبو دم خفيف .. المشكلة أن اتحاد الكرة يستقوي بالسياسة اللعينة لتركيع أندية عدن ، فهو عندما يحشر أنفه بين البصلة وقشرتها ، ويتدخل في شأن إداري لا يعنيه فكأنما يتلكأ ويتسلح بقانون القوة لا قوة القانون ، وهنا المصيبة.

* وفي ظل هذه البيانات العبثية ، التي تشبه حرب اليمن غير المفهومة ، أسأل اتحاد الكرة مع أننا مطالبون بأن لا نسأل عن أشياء أن تبد لنا تسؤنا : هل ارتكبت أندية الجلاء والمنصورة والميناء مخالفات إدارية في بطولة نظمها اتحاد الكرة ..؟ .. هل خرقت هذه الأندية سفينة فرع اتحاد عدن وارتكبت جرماً كروياً لا يُحمد عقباه ..؟ .. ما شأن اتحاد الكرة في إدارات الأندية وفي عمليات ترميم مجالس إداراتها ..؟

* يعرف كل من في رأسه خلية من مخ ، أن تغيير إدارات الأندية من اختصاص وزارة الشباب والرياضة ومكتب الشباب والرياضة في المحافظة ، فكيف يدخل الاتحاد رأسه في شأن إداري لا ناقة له فيه ولا حمار ؟ .. الثابت لنا أن إدارات الأندية إدارات مؤقتة، يمكن تحريكها بين الحين والآخر، ربما بدافع مزاج سياسي أحيانا ، وربما لدوافع انتقامية في أغلب الأحيان ، يمكن لرئيس الاتحاد أن يتعاطف مع المقالين هذا حقه لكن ليس من حقه معاقبة الأندية لأن مجالس إداراتها ليست على هواه أو مقاسه أو مزاجه السياسي.

* كنت أتمنى على رئيس الاتحاد أن يتعامل بمرونة مع هذه المرحلة التي زاد ماؤها على طحينها وأن لا يتوقف أمام الحبة والتعامل معها على أنها قبة ، لكن يبدو أن النافخين في أذن رئيس الاتحاد يلعبون دور إبليس بكل براعة واقتدار .. وحسبي الله ونعم الوكيل.

* لا يجب أن يتعامل رئيس الاتحاد مع ما يحدث أحيانا من احتقانات ، أو مبادرات مناسباتية ، على أنها (تمرد يخل بهدفه السياسي) ، فهو مثلما يستقوي بقوته وهيلمانه ، وامبراطوريته المالية ، يمكن أيضا للأندية إن عاندت أن تلجأ لمحكمة الكأس وتتهم الاتحاد أنه يسيس قراراته ، وأنه يجعل من الاتحاد ميداناً لتحقيق مكاسب سياسية بعيداً عن أهداف الرياضة السامية.

* محاربة أندية عدن لا يحتاج إلى دليل إدانة ، فهذه أندية صنعاء تحيي مناسبات سياسية ذات نزعة مخلة بالسلوك ، وملاعبها (معسكرة) ومع ذلك (يتعامس) عنها الاتحاد ويعمل نفسه (شاهد ماشفش حاجة) ، لكن عندما تحيي أندية عدن مناسبة للتحالف العربي فهي ترتكب جرماً يمس (السيادة) يستحق العقاب الفوري .. ويا رئيس الاتحاد اسمع كلامي : إشرب عصير برتقال مصري ، وهدئ اعصابك واحسبها حسبة لا تستنزف فيها ما تبقى لك من رصيد عند الآخرين.

* ليس هناك ما هو أفضل من أن نتناصح ، ونتواصى بالحق ، ونشعل مصابيح الصبر ، ونتغاضى عن بعض الخلافات ، ولا نكر كرة المغول على بغداد ، يكفي الاتحاد أزمات وتدخلات من الخلف استنزفت رصيده عند الناس ، يجب أن يبتعد الاتحاد (مليون قدم) عن الأندية ، ويتخلى عن جبروته ولو مؤقتاً ، ويتعامل مع هذه المرحلة ، برحابة صدر ومرونة حتى تسير سفينة الكرة في البحر المتلاطم الأمواج بغير عجز ، اللهم إني بلغت ، اللهم فاشهد..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى