> ​خطفت حرب الروبل الروسية الأضواء من الحرب العسكرية في أوكرانيا. وفيما باتت أخبار المعارك روتينية، ركّزت التصريحات وردود الفعل على موقف روسيا الذي يشترط على مشتري الغاز الدفع بالروبل، والذي أثار مخاوف أوروبية من تأثيراته.

وأعلن رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الأربعاء أن بلاده مستعدّة لأن تدفع لروسيا بالروبل مقابل واردات الغاز إذا لزم الأمر، ما سيجعل المجر في حالة خلاف مع نظرائها في الاتحاد الأوروبي الذين استبعدوا القيام بذلك.

وقال أوربان لصحافيين خلال مؤتمر صحافي في بودابست “ليست هناك أي صعوبة بالنسبة إلينا في الدفع بالروبل مقابل الغاز، إذا كان هذا هو ما يطلبه الروس فسندفع بالروبل”.

وقبيل ذلك قال وزير الخارجية المجري بيتر زييّارتو إن الاتحاد الأوروبي ليس له دور يؤديه في توريد الغاز "الذي يحكمه عقد ثنائي".

ويعتقد مراقبون أن المجر ستفتح الطريق أمام قبول دول أخرى بالشرط الروسي، خاصة في ظل غياب الحلول العاجلة التي بإمكانها أن توفّر بدائل عن الغاز الروسي، وكذلك في غياب موقف أوروبي موحد من العقوبات.

وهدّدت موسكو بقطع إمدادات الغاز عن الدول "غير الصديقة" التي ترفض الدفع بالروبل، وهي خطوة من شأنها أن تؤثر خصوصا على الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد كثيرا على الغاز الروسي.

ولا تستطيع الدول الأوروبية الاستغناء عن إمدادات الطاقة الروسية، لاسيما الغاز الذي تعتمد دول أوروبا الشرقية عليه بنسبة 90 في المئة، أما أوروبا الغربية، كألمانيا وفرنسا، فتعتمد على نسبة تصل إلى 60 في المئة منه.

وأعلنت وزارة المالية الروسية أن بنوكا أجنبية رفضت تحويل مدفوعات لسداد خدمة دين عن سندات دولية بقيمة 650 مليون دولار، وبالتالي قامت الوزارة بتحويل المدفوعات بالروبل.

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن الوزارة قولها إنها أرسلت مدفوعات بالدولار لسندات تُستحَق هذا الشهر وفي أبريل 2042، لكن تم رفضها، فاضطرت روسيا إلى استخدام المؤسسات المالية المحلية.

وأضافت الوزارة أنها حولت الدفعة الكاملة بالروبل إلى مؤسسة "وديعة التسوية الوطنية"، وأنها بذلك تكون قد أوفت بما عليها من التزامات بشكل كامل.

ونجحت روسيا طوال عدّة أسابيع في درء خطر التخلّف عن تسديد الديون، إذ أتاحت الخزانة الأميركية استخدام عملات أجنبية تملكها موسكو في الخارج لدفع ديون خارجية.

غير أن وزارة الخزانة الأميركية أعلنت الثلاثاء أنها لن تسمح من الآن فصاعدا لروسيا بتسديد ديونها بدولارات مودعة في بنوك أميركية، ما يزيد من الضغوط ومن خطر الإعسار.

واتُّخذ هذا القرار في الرابع من أبريل، أي عند انتهاء مهلة تسديد سند بقيمة ملياري دولار استحصلت عليه روسيا في 2012.

وقبل انقضاء هذه المهلة كانت روسيا قد عرضت على الدائنين أن تعيد شراء سندات الدين منهم وتدفع لهم مسبقا بالروبل، ما يسمح للدائنين الروس بالحصول على أموالهم دون تعقيدات مرتبطة بالعقوبات ويوفّر على السلطات الدفع بالدولار.

وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) دميتري بيسكوف الأربعاء إنه لا يوجد سبب لكي تعلن روسيا إفلاسها، وأصر على أن “روسيا تمتلك جميع الموارد الضرورية لتدفع ديونها الأجنبية”، مشيرا إلى تجميد “مبالغ كبيرة” من احتياطي النقد الأجنبي لبلاده في حسابات بنكية في الخارج.

وأوضح بيسكوف أنه في حال استمرّ الوضع كما هو عليه في الوقت الحالي فسيجبر ذلك موسكو على الدفع بالروبل فقط، مشيرا إلى أن “الإفلاس المصطنع” لروسيا لا يمكن له أن يحدث إلا إذا تم منع الدفع بالروبل أيضًا.

ويعتقد خبراء أن توظيف الروبل لن يحدث نقلة نوعية في وضع العملات الدولية والتعاملات الدولية بها، لكنه يوجه رسائل قوية إلى الولايات المتحدة، ويربك قياداتها، ويدفعها إلى مراجعة أسلوب العقوبات الذي لن تقف تأثيراته عند حد روسيا، وإنما ستتسع شظاياه لتشمل الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين.

ويشير الخبراء إلى أن واشنطن في حاجة إلى توخي الحذر، فقد تتأثر بالعقوبات المكثفة على موسكو لما سيعطيه ذلك من وزن إضافي لليورو، الأمر الذي سيرحب به الأوروبيون، ولأجل ذلك يتعين على أميركا أن توازن بين معاقبة روسيا وعدم خلق دوافع إلى تبني عملات منافسة على نطاق أوسع.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد عقد اجتماعات مع زعماء الهند في نيودلهي الجمعة، وذلك بعد لقاء مع نظيره الصيني، في محاولة لإبقاء القوى الآسيوية إلى جانب روسيا في خضم العقوبات الغربية.

وتأتي مهمة لافروف لحشد الدعم من بلد طالما اعتبرته موسكو صديقا بعد يوم واحد من عقد مسؤولين أميركيين وبريطانيين كبار محادثات في نيودلهي لإقناع الحكومة الهندية بتجنب تقويض العقوبات التي فرضت بعد أن غزت روسيا أوكرانيا في أواخر فبراير الماضي.

وقال لافروف في كلمة له خلال اجتماع مع نظيره الهندي سوبراهمانيام جايشانكار “نحن نقدر أن الهند تأخذ هذا الموقف في مجمله من الحقائق وليس فقط بطريقة أحادية الجانب”. وأضاف “نواصل تنفيذ مشاريع في مجالات الطاقة والعلوم والتكنولوجيا والفضاء الخارجي وصناعة الأدوية”.