موسم الوفاق

> لنيسان في ذاكرة أهل اليمن مزية خاصة ليس للزرّاع فحسب وإنما للمشتغلين بالسياسة أيضًا، كما تغنّى الأدباء بورد نيسان، ورأوا أن الشهر يمثّل قلب الربيع.

أما الشعب في هذا البلد فإنه يحلم بأيام جميلة تشبه الورد، فما برح يرسم لنفسه أحلاما مزهوة بألوان الربيع لا سيما مع اجتماع الشرعية بنسختها الجديدة في عدن.

هو يرى أن هذا الاجتماع يعد بارقة أمل في ليل اليمن القاتم، ويجمع المراقبون أن هذا "الاجتماع" هو الوصول الأخير الذي ليس بعده فرصة.

تستطيع عدن أن تكون ملهمة هذا الحشد ومنسّقة هذا الوفاق، فقد كانت رائدة في التضحية خلال مراحل مختلفة من تاريخ اليمن، واحتضنت الأحداث الكبيرة وجوبهت بالجحود.

كانت قِبلة الناس إذا اشتدت الأزمات، وغنّت بالربابة نشيد الوطن المقدّس.

هي المدينة التي وسعت حرية الأشخاص والهيئات منذ زمن، ومن بدا له أنها لم تعنِ بالقضية اليمنية وحاز عليها الجنوب فحسب، فهل كان إنجاز المشاورات إلاّ ثمرة حراك عدن وغضب الجنوب من سوء الأوضاع وتقلبات أهل السياسة وغياب العدل.

في موسم الوفاق الذي يتزامن مع رعد نيسان وانتظار المطر، فإن المواطن يترقب غيث المشاورات، فقد طال به العقاب على امتداد الوطن شرقه وغربه شماله وجنوبه، وصبر حتى ملّ الصبر منه، لكن عدن تعطي مزيداً من الفُرَص حتى ينجح أهل السياسة، ثم هي تستطيع أن تترك من يضيع الفرص مجدداً، ومن يعبث بالوقت ويكسل في خدمة الشعب.

إن سبع سنين من عمر الحرب تكفي للولوج الآن في حقبة جديدة من البناء والسلام والتنمية واحترام قيم العدالة.

وفي موسم الوفاق وزمن الهدنة تستطيع الأمم المتحدة أن تحرّك المياه الراكدة وتجمع الحوثي والشرعية الجديدة على طاولة المفاوضات من أجل وقف الحرب فقد انتهت المهلة بالنسبة للشعب، وحان بناء جسور الثقة وهي مهمة أهل اليمن أولاً، وأن في سلوك عدن وتاريخها الحضاري أنها تمد يدها من أجل السلام، فهي تؤمن بالتعدُّد ومُثابِرَة في التعايش، وهي مدنية استوعبت كل الألوان والأطياف والأجناس والأعراق والأوطان والأديان والثقافات على ترابها ومنحتها حظاً وافرًا من الحرية، فهي مضيافة تمتد لتكون بحجم الكون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى