​قصص من التاريخ

> سيدة من بني أمية

الحلقة الخامسة والأخيرة

وعاشت زوجة الخليفة معيشة لا تصبر على مثلها زوجة موظف من الدرجة العاشرة، ورضيت بذلك اتباعاً لزوجها وأملاً بثواب ربها.

وشاركته خوفه من الله وتفكيره في الآخرة. دخل عليه مرة رجل صالح من جلسائه، فقال له عمر: أرقت البارحة مفكراً في القبر وساكنه. فقال الرجل: فكيف لو رأيت الميت بعد ثلاثة أيام، والدود قد غطى جسده وأكل لحمه، بعد حسن الهيئة وطيب الرائحة ونقاء الثوب؟ فبكى عمر وخر مغشياً عليه. قالت فاطمة لمولاه مزاحم: ويلك يا مزاحم، أخرج هذا الرجل.

فخرج الرجل، ودخلت على عمر فجعلت تصب الماء على وجهه وتبكي حتى أفاق من غشيته، فرآها تبكي. قال: يا فاطمة، ما يبكيك؟
قالت: يا أمير المؤمنين، رأيت مصرعك بين أيدينا فذكرت مصرعك بين يدي الله للموت وتخليك عن الدنيا وفراقك لها، فذلك الذي أبكاني.

بكت خوفاً عليه في حياته، فلما مات بكت أسفاً عليه، حتى عشي بصرها. فدخل عليها أخواها مسلمة وهشام يسليانها ويعرضان عليها ما شاءت من الأموال، قالت: والله ما أبكي على مال ولا نعمة، ولكني رأيت منه منظراً ذكرته الآن فبكيت.

قالا: ما هو؟

قالت: رأيته ذات ليلة قائماً يصلي، فقرأ {يومَ يكونُ النّاسُ كالفراشِ المَبْثوثِ، وتكونُ الجِبالُ كالعِهْنِ المَنْفوش}، فشهق من البكاء حتى ظننت أن نفسه قد خرجت. فما صحا حتى ناديته للصلاة.

ولما ولي أخوها يزيد الخلافة ردّ عليها حليها، فقالت: لا والله أبداً، ما كنت لأطيعه حياً وأعصيه ميتاً. لا حاجة لي بها.

فقسمها على أهله ونسائه وهي تنظر.

رحمة الله على أولئك الناس. أولئك - والله - هم الناس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى