انتقادات مصرية لرفع واشنطن "الجماعة الإسلامية" من قائمة الإرهاب

> خالد الصالح "الأيام" إرم نيوز

> ​انتقد سياسيون ومسؤولون سابقون في مصر، الإعلان الأمريكي عن شطب 5 منظمات من لائحة المنظمات الإرهابية، من بينها الجماعة الإسلامية في مصر، المسؤولة عن اغتيال الرئيس الأسبق محمد أنور السادات.

وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة الماضي، شطب 5 تنظيمات من لائحتها السوداء ”للمنظمات الإرهابية الأجنبية“، هي: الجماعة الإسلامية في مصر، وحركة ايتا الانفصالية، والطائفة اليابانية ”أوم“، والتنظيم اليهودي المتطرف ”كهانا حي“، والمنظمة الفلسطينية ”مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس“.

وقالت أمريكا إن قرار الشطب يأتي لأن هذه التنظيمات الخمسة لم تمارس العنف منذ سنوات.

وأثار رفع ”الجماعة الإسلامية“ تحديدا من لائحة الإرهاب الأمريكية، انتقادات عبر وسائل الإعلام المصرية، وجدلا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأعرب سياسيون، عن استغرابهم من قرارات أمريكا بخصوص رفع تنظيمات من لوائح الإرهاب، سواء فيما يتعلق بهذه التنظيمات الخمسة أو جماعة الحوثي في اليمن سابقا، متسائلين عن المعايير التي تتبعها واشنطن في مثل هذه القرارات.

معايير أمريكا

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير أحمد القويسني، الذي عمل تحت إدارة الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك ”كنا نتصدى لمثل هذه القرارات والدعم الغربي للجماعات الإسلامية، من خلال لقاءاتنا مع الأوروبيين والأمريكيين في فترة الثمانينيات والتسعينيات، وكنا نعاتبهم على ذلك، ونؤكد لهم أنهم يكيلون بمكيالين“.

وأضاف القويسني في حديث لـ“إرم نيوز“: ”تمنينا في وقت من الأوقات أن يحدث لديهم ما كان يحدث لدينا كي نرى كيف سيتصرفون“.

وكشف عن وجود ”دلائل تثبت تورط الغرب في كثير من الحوادث التي وقعت داخل مصر، وحدث أن تم القبض على قيادات من تنظيمات مختلفة من جنسيات أوروبية في عمليات أمنية وعسكرية سابقة قامت بها الأجهزة الأمنية المصرية“، على حد قوله.

وقلل القويسني من تبعات قرار إزالة الجماعة الإسلامية من القائمة الأمريكية للمنظمات الإرهابية، على الأمن المصري، مؤكدا أن أجهزة الأمن المصرية ”قوية وقادرة على تطهير أراضيها من هذه الفئات“.

ونوه المسؤول المصري الأسبق إلى أن ”الجماعة الإسلامية تورطت في اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات“.

وأشار إلى أن ”التصنيف الأمريكي لقائمة الجماعات الإرهابية، دائما يثير المفاجآت، ومن الأمثلة على ذلك إخراج الحوثيين من القائمة، رغم أن المآسي تتجدد على أرض اليمن يوميا بسببهم“.

واعتبر أن ”الحالة الأخيرة -وهي إخراج الجماعة الإسلامية من القائمة- حالة تاريخية، لأن هذه الجماعة كانت سببا في بدايات الإرهاب في مصر“، على حد تعبيره.

ورأى أن ”التصنيفات لم تعد تحدث فرقا على المستوى الأمريكي، ومع كثير من التوقف والاندهاش، يبدو أن هناك معايير أخرى تتبناها أمريكا في تصنيف المنظمات الإرهابية“، بحسب رأيه.

لا طائل من المناشدة

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق ”غير مقبول لا للخليجيين إخراج الحوثي من قائمة التصنيفات الإرهابية، ولا للمصريين استبعاد الجماعة الإسلامية منها، وأمريكا تبرر قراراتها بما يصعب تبريره بالمنطق العادي أو السياسي، ويجب أن نتوقف عن مناشدتهم بتصحيح أخطائهم في قراراتهم“.

وعن ”تبني“ الجماعات الإسلامية من قبل بعض الإدارات الأمريكية ودعمها ماليا، لفت القويسني إلى ”ما جاء في مذكرات وتصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون .. هذه حقائق، وكلينتون ذكرتها بنفسها“.

وأضاف ”مصلحتهم في ذلك تنبع من فترة الربيع العربي، عندما كانت أمريكا تدعم الإسلاميين للاستيلاء على الحكم في منطقة شمال أفريقيا والدول العربية، وكل هذه الأنظمة التي كانت ستصبح إسلامية، تعود في الواقع إلى الخليفة التركي لكي تصبح على الإدارة الأمريكية تنفيذ سياساتها من خلاله“.

وأكد أن ”الإدارة المصرية رفضت هذه الأجندة تماما وتصدت للعناصر الإرهابية التي كانت أدوات للسياسة الأمريكية لتنفيذ أجندتها في المنطقة“، بحسب قوله.

واستطرد بالقول ”لذلك هم لا يرون أن الحوثيين أو أن هذه الجماعة الإسلامية المصرية منظمة إرهابية رغم أنها اُتهمت بعد اغتيال الرئيس السادات بتنفيذ مذبحة في مصر من خلال الاستيلاء على مقرات للشرطة واغتيال قيادات في الداخلية“.

وتابع أن ”عناصر الجماعة نفسها الذين اقترفوا هذه المذبحة وبعد أن أُطلق سراحهم، خرجوا على الملأ وأعلنوا ندمهم على ما اقترفوه، إلا أن حكومة الرئيس المصري السابق محمد مرسي احتفت بهم في حفل أُقيم في أكبر ملعب رياضي“.

صناعة أمريكية

واستغرب القويسني أن ”تتناسى الولايات المتحدة أن أحد كبار الدبلوماسيين لديها في ليبيا تم اغتياله من خلال مجموعة تحمل أفكارا مشابهة لأفكار هذه العناصر“، مؤكدا في الوقت ذاته أن ”فلول الجماعة الإسلامية مختلطة مع تنظيم داعش وهناك اعترافات موثقة بذلك“.

وعلق المسؤول المصري الأسبق على مبرر البنتاغون بأن هذه الجماعات الخمس التي شُطبت من التصنيف لم تنشط بأي أعمال إرهابية على مدى الـ25 عاما الماضية.

وقال ”هذا المبرر غير صحيح وأحمق ومن السهل هدمه على قائله بأبسط الحجج، وهو أنه إذا لم تنشط الجماعات ذات الفكر الإرهابي أو الإسلاموية، فهي لا تضيع أي وقت في استغلال الجهاد اللين الذي يبني القواعد ويتوسع ويؤسس لفكره الإرهابي وتضخيم مؤسساته وإحكام عملياته، كما أنه لا يتخلى عن فكره الإرهابي مطلقا حتى وإن لم ينشط“.

قرار متعمد

وقال وكيل جهاز المخابرات العامة المصري الأسبق وخبير شؤون الأمن القومي، اللواء محمد رشاد، إن ”مشروع الإسلام السياسي وتحديدا في مصر، أنشأته أمريكا وأشرفت عليه، ومولته بـ9 مليارات دولار لخلق الخلافة الإسلامية، كي ينقسم بعد ذلك الشرق الأوسط إلى مشروعين“.

وأضاف رشاد في حديثه لـ“إرم نيوز“ أن هيلاري كلينتون ”أكدت هذا في كتابها، فليس بجديد على الولايات المتحدة أن ترفع هذه الجماعة الإسلامية من قائمة الجماعات الإرهابية“.

واعتبر أن ”إدارة بايدن شطبت الجماعة الإسلامية من التصنيف متعمدة بخطة مدروسة لكي يبقى تحت سلطتها فصيل سياسي داخل مصر، وسيكون هذا الفصيل بيدها لتلعب به كما تشاء وحينما تشاء“.

وأضاف ”هذا الملف تابعته شخصيا أثناء عملي في منصبي منذ البداية، وهذه ليست آراء بل هي معلومات رسمية وحقائق مثبتة، وأؤكد هنا أن كل الجماعات الإسلامية وُلدت من رحم جماعة الإخوان“.

غياب الموقف الرسمي المصري

وعن سبب غياب رد من الحكومة المصرية حول خطوة الإدارة الأمريكية، قال وكيل جهاز المخابرات العامة المصري الأسبق، إن ”الأهم من الموقف المصري، هو أن القاهرة تعي أنها لن تقبل عودة مثل هذه الفصائل على الساحة، خصوصا أن الإرهاب مستمر في أرض سيناء ولا يزال يدور من أيدي الإخوان“.

وأضاف اللواء محمد رشاد ”قد لا يكون هناك رد رسمي من الخارجية المصرية على هذا الإجراء الأمريكي، لأنه في كل الأحوال من غير الوارد أن تقبل مصر بهذه الخطوة، لذلك لا تجد الحكومة المصرية داعيا للتعليق لأن هذا الأمر مرفوض بالأساس“.

توقيت غريب

بدوره، اعتبر مدير المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، العميد خالد عكاشة، أن توقيت شطب منظمة الجماعة الإسلامية من قائمة الإرهاب الأمريكية، ”غريب وأثار علامات استفهام كثيرة، بسبب التوقيت الذي قد يكون جاء متعمداً تمهيداً لاتخاذ القرار ذاته مع منظمات، مثل: الحرس الثوري الإيراني“.

وأضاف ”هذه التنظيمات الخمسة والتي بالفعل لم تقم بأعمال إرهابية خلال الفترة السابقة، وفقا للحيثيات التي قدمتها الخارجية الأمريكية في طلبها، لكن أعضاء الجماعة الإسلامية لا تزال أفكارهم وعقيدتهم حاضرة بقوة“.

وتابع ”كما إن قيادات الجماعة موجودة خارج مصر، وشكلت حزبا سياسيا في 2011 وهي متورطة في تمويل أنشطة إرهابية، وهناك أكثر من قضية منظورة أمام القضاء المصري، يتهم فيها قيادات الجماعة الهاربة من مصر، مثل: طارق الزمر، وهو أحد المتهمين في قضية اغتيال الرئيس السادات“.

وأشار عكاشة إلى أن ”الزمر أفرج عنه عام 2011 من ضمن الإفراجات الرئاسية التي قام بها محمد مرسي آنذاك، وتولى بعدها منصبا قياديا في الحزب السياسي للجماعة الإسلامية، وتحالف مع الإخوان المسلمين بشكل كبير جداً في اعتصامات رابعة وما بعد الـ30 من يونيو، بشن الهجمات المعروفة ضد الدولة المصرية، ومن بعدها هرب من مصر“.

وأضاف ”رُفعت عليه قضايا فيها دلائل ثبوتية بأن الحزب السياسي الذي نُصّب عليه متورط في تمويل الأنشطة الإرهابية التي عانت منها مصر سابقاً وحتى الآن“.

ونوه إلى أنه ”تحت مظلة الجماعة الإسلامية لم تحصل عمليات إرهابية، ولكنها حدثت بطريقة غير مباشرة بفضل دعمها للأفكار المتطرفة التي دعت لحمل السلاح“.

التنصل من المسمى

وتابع ”لا يخفى على أجهزة الاستخبارات الأمريكية أنه من الممكن أن ينشط العمل الإرهابي تحت لافتات مزيفة مراوغة، من خلال الفكر والتنظيم، إذ إن قيادات الجماعة بعد الإفراج عنهم كانوا يدركون أن جماعتهم مدرجة في التصنيف الإرهابي، وحاولوا التنصل من المسمى، لذلك أسسوا حزبا تحت اسم البناء والتنمية في مصر، والذي تم تجميد نشاطه وإغلاقه بحكم من القضاء المصري الذي تأكد أنه اُستخدم كذراع سياسية“.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى