عداء وطني أم عدم نضج سياسي؟

> الأزمة اليمنية الأخيرة واحدة من أحلك الصفحات في تاريخ البلاد، لأنها طويلة وجزء من عملية معقدة محلياً وإقليمياً وعالمياً، فعلى الصعيد المحلي الوضع مبهم والكل حذر من الكل، أما إقليمياً فتعمل الحكومة اليمنية مع التحالف العربي ضد إيران، بينما الحوثي يخدم اجندات طهران في اليمن، أما على الصعيد الدولي فالأزمة مرتبطة بصراع مصالح واضح بين قوى عظمى، ولذلك الموقف الدولية منقسمة بشأن اليمن.

لن تجد أي سياسي يجيبك بصراحة وشجاعة لماذا الجمهورية اليمينة إلى يومنا هذا دولة ضعيفة وفاشلة سياسيا واقتصاديا مع أنها تملك كافة المقومات الاقتصادية والكفاءات، لن تجد من يجيبك أين موقع الشعب والنخبة من التجاذبات الإقليمية والدولية، ومن السبب في دمار البلاد وفي انتشار الصراعات والجهل والفقر والأمية، والغريب أن من بين كل هذه الفوضى هناك من يدعي المعرفة والفهلوة السياسية، وهو في قرارة نفسه يدرك أن نضجه السياسي لا يزال بعيدًا عن أرض الواقع مع فائق احترامي للقلة جداً من النخبة اليمنية الذين يملكون النضج الوطني السياسي الصحيح، فما هو النضج السياسي؟

النضج السياسي هو مفهوم شخصي بعمق نفسي ووطني وجزئيًا غير معروف تمامًا حتى بالنسبة لحامله، هو صفة روحية قيّمة للسياسي معبرة عن إيمانه العميق والتزامه بأفكار وثوابت سياسية وطنية محددة قائمة على المهنية والكفاءة والثقافة السياسية، النضج السياسي هو موقف مدني واعٍ وشعور متطور للغاية بالواجب السياسي تجاه الدولة والمواطن والمسؤولية والضمير والقدرة على التفاعل الوطني داخلياً ومع السلطات الإقليمية والدولية، النضج السياسي هو صفة أساسية وطنية للمجموعات الاجتماعية بأكملها والقوى السياسية والأحزاب وأصحاب السلطة والمواطنين وموظفي الخدمة المدنية، حتى لو كانوا خارج السياسة.

لقد كان النضج السياسي اليمني في بداية التسعينيات يحمل نسبة عالية من الوطنية وكافياً لتجنب الكوارث ، التي لاتزال تلاحق اليمنيين كشعب وسلطة، كان كافياً حينها تشكيل مجتمع مدني ديمقراطي وفتح أبواب أسوار الدولة للجميع دون تمييز سياسي أو قبلي أو مناطقي أو حزبي والاهتمام بالتعليم والصحة والاقتصاد وتحرير نشاط الصحفيين من الرقابة والوصاية الصارمة.

الرأي العام اليوم في اليمن هو أن النضج السياسي مازال بعيداً كل البعد عن غالبية النخبة اليمنية والمجتمع، وبسبب ذلك حاضر البلاد صعب ومعقد ومستقبلها غامض وغير آمن والمجتمع المدني فيها ضعيف ومتخلف، بسبب أزمة النضج السياسي ورفض المجتمع المدني، الذي يعمل بموضوعية خارج دائرة العمل الحكومي لنشر المعلومات حول السياسات وإدارة الدولة أو ممارسة الضغوط الإيجابية عليها ومعاقبة صانعي السياسات أو مكافأتهم، وهذه هي الطريقة الاستراتيجية الوحيدة الصحيحة لتحقيق النجاح في العالم الحديث.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى