خارطة طريق مجلس القيادة الرئاسي

> بعد الحالة الرتيبة التي شهدتها المنطقة في حرب اليمن وعجز الحرب عن تحقيق أي تقدم وازدياد الضحايا والخسائر وتدمير البنى التحتية وتوسع الحرب حيث وصلت إلى أراضي دول الجوار، دعا الأمين العام لمجلس دول التعاون الخليجي إلى عقد مشاورات في الرياض لكل القوى السياسية اليمنية خلال الفترة 29 مارس إلى 7 أبريل 2022م في العاصمة السعودية الرياض وفي مقر الأمانة العامة لمجلس دول التعاون الخليجي، وفي إطار هذه المشاورات أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي إعلان نقل السلطة تضمن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، ونقل كامل صلاحياته وصلاحيات نائبه إلى مجلس القيادة الرئاسي بتفويض لا رجعة عنه، وقد جاء هذا الإعلان ليشكل مرحلة جديدة يرجح فيها السلام والحلول السياسية، وبمراجعة هذا الإعلان يتبين أن مهمة مجلس القيادة الرئاسي تمتد خلال فترة استكمال المرحلة الانتقالية التي بدأت في العام 2011 م بناء على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي تضمنت عملية نقل السلطة هذه المرحلة التي تعثرت وانحرفت عن مهامها وتم فيها توقيع اتفاق السلم والشراكة (بعد الإخفاق في مؤتمر الحوار الوطني في صنعاء) هذه الاتفاقية التي وقعت بين الحوثيين والرئيس عبدربه منصور هادي كرئيس للسلطة الجديدة التي نقل إليها الحكم وفق المبادرة الخليجية، لكن تعثر العمل في إنجاز هذه المرحلة الانتقالية وتعثر التوافق على الدستور الجديد وانقلب الحوثيين على السلطة وكانت الحرب اليمنية التي امتدت من 2014م حتى اليوم وحين يتحدث الإعلان عن تحديد مهمة مجلس القيادة الرئاسي باستكمال عملية الانتقال السياسي (استكمال المرحلة الانتقالية) فإنه يقصد العودة إلى حيث توقفت العملية، (وهي التوافق على الدستور) وانفجار الحرب هذه العودة التي يراد لها أن تكون بعد وقف الحرب الحالية، وبهذا تكون مهام مجلس القيادة الرئاسي وكما تضمنها الإعلان هي:

1 - وقف الحرب الحالية

2 - التفاوض مع (أنصار الله) لوقف إطلاق النار والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية (استكمال المرحلة الانتقالية) المشار إليها آنفا، حيث حدد إعلان نقل السلطة في المادة (1) الفقرة (ا) مهمة المجلس في استكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية التي يمكن إيجازها بإعادة النظر في مشروع الدستور وإجراء الاستفتاء والانتخابات العامة وهنا تنتهي صلاحية مجلس الرياسة القيادي، لكن ما زالت هناك مهام وإجراءات أخرى هي:

1 - مفاوضات وقف الحرب مع الحوثيين التي نلاحظها تجري هذه الأيام من خلال الهدنة الأولى ثم تمديدها في الهدنة الثانية التي قد توصل إلى وقف دائم للحرب.

2 - الجلوس على طاولة المفاوضات مع الحوثيين للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل، وبهذا فقد تتحدد نهاية المجلس القيادي الرئاسي وفي مناسبة أخرى لمجلس القيادة الرئاسي غير النهاية والمناسبة التي أشرنا إليه سابقا (انتهاء عملية الانتقال السياسي) هذه المناسبة الأخرى هي وفقًا للحل السياسي الشامل وإقرار السلام الكامل الذي يتضمن تحديد المرحلة الانتقالية ومتطلباتها التي قد تبقي أو توسع مجلس القيادة الرئاسي الحالي، أو توجد هيئة أو قيادة جديدة يتوافق عليها في هذه المفاوضات، وبهذا نكون قد وصلنا إلى تحديد فترة مجلس القيادة الرئاسي ومتى ينتهي (وتحددت في حالتين) ولنا هنا أن نبين أن إعلان نقل الصلاحيات قد تحدد عند تحديد مهام مجلس القيادة الرئاسي بمفاوضات مع الحوثي وحلول سياسية (واستكمال مرحلة الانتقالي السياسي في حالة انتهاء فترة المجلس بانتخاب رئيس جديد) أو وقف الحرب والجلوس على طاولة مفاوضات سياسية وإنتاج قيادة جديدة تقوم باستكمال الانتقالي السياسي.

إلى هنا ويبدو أننا نبين مضامين الإعلان فقط، لكن المهم ما هو موقع قضية شعب الجنوب ومتى ستحل في ظل هذه الخارطة لحل الأزمة اليمنية التي لم تشر لحل القضية الجنوبية إلا إذا اعتبرنا جوازا أنها تضمنتها هذه الخارطة وفقًا للحل السلمي الشامل، وذلك من خلال كلمة الشامل إذا اعتبرنا أن قضية الجنوب تدخل في هذا الحل، لكن هناك إشارة ومنطلقات لهذا الحل يمكن استشفافها من خلال بعض الإشارات في الإعلان، التي نتمسك بها نحن الجنوبيين واليمنيون يعتبرونها محطات لدفن قضية شعب الجنوب، ومنها الإشارة في إعلان نقل الصلاحيات إلى تنفيذ اتفاق الرياض وما جاء في المادة (6) من إعلان نقل الصلاحيات وفق اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا مع أنه ترك الباب مفتوحًا لمجلس القيادة الرئاسي لإجراء تعديلات حكومية أو تشكيل حكومة جديدة، وما غير ذلك فقد كرس الإعلان تثبيت أركان الدولة اليمنية وخصوصًا تفعيل مجلسي النواب والشورى، لكن جاءت نتائج مشاورات الرياض لتبين موقع القضية الجنوبية وخارطة طريق مختصرة لحلها خصوصا في المادة ثالثا من البيان الختامي لمشاورات الرياض، حيث نصت على التالي: (تم الاتفاق على أهمية سرعة التنفيذ ما تبقى من خطوات في تنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل فريق للمتابعة لتحقيق ذلك كما تم الاتفاق على إدراج قضية شعب الجنوب في أجندة مفاوضات وقف الحرب لوضع إطار خاص لها في عملية السلام الشاملة)، ومن ذلك يتبين أن هناك خطوات ممكن نعتبرها جواز خارطة طريق لحل قضية الجنوب تبدأ بتنفيذ ما تبقى من خطوات في اتفاق الرياض، لكن هناك ما يمكن أن نسميه اختلافًا مع ما جاء في إعلان نقل الصلاحيات يتمثل بتشكيل الفريق الاقتصادي الذي كان متفقًا عليه في اتفاق الرياض، حيث شمله إعلان نقل الصلاحيات بتشكيل فريق اقتصادي لكن ليس مناصفة بين المجلس الانتقالي والحكومة ولا متوافق عليه وهو يعد استباقًا على تنفيذ ما جاء في اتفاق الرياض، والوقت الذي جاء فيه اتفاق الرياض بتشكيل فريق تفاوضي مشترك بين الانتقالي والحكومة اليمنية فقد ظلت الحكومة تماطل في ذلك ولم تشكل الفريق وتجري مفاوضات ولقاءات انفرادية حتى اليوم وجاء إعلان نقل الصلاحيات ليوكل مهمة المفاوضات مع الحوثي إلى مجلس القيادة الرئاسي، والسؤال هنا هل سيقوم مجلس القيادة الرئاسي بذلك، أم سيشكل فريقًا آخر للمفاوضات؟ ومتى سيكون ذلك وكيف سيتوافق بين ما جاء في اتفاق الرياض وفي إعلان نقل الصلاحيات بشأن المفاوضات؟

الموضوع الأهم هو ما جاء في البيان الختامي لمشاورات الرياض بشأن إدراج قضية شعب الجنوب في أجندة مفاوضات وقف الحرب لوضع إطار لها وحلها في عملية السلام الشامل، لكن يلاحظ أن المفاوضات لوقف الحرب تجري دون إدراج قضية شعب الجنوب.

إن حل قضية شعب الجنوب يجب أن يتم قبل عملية الانتقال لاستكمال المرحلة الانتقالية تماشيًا مع المبادرة الخليجية، أي قبل موضع الدستور والاستفتاء عليه وإجراء الانتخابات الكاملة وتشكيل حومة يمنية منتخبة، وإلا فإن أي تأخير لحلها ما هو إلا تمييع لقضية شعب الجنوب وعلى النخبة السياسية أن تدرك هذه الحقيقة والاستعداد لكل الاحتمالات والبحث في كل الخيارات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى