​العالم الإسلامي يفقد علمه المشهور وعدن حزينة لفراقه

>
الحبيب أبوبكر بن علي المشهور الإمام العدني الداعية والمفكر الإسلامي، قدم الحبيب المشهور عدن ليستقر بها وهي في حالة جوع وعطش للعلم والدعوة الوسطية والمعتدلة، نزل فيها واستقر في جامع الإمام العيدروس حاملا فكرا جديدا ومنهجا للدعوة اسر فيها قلوب الناس واستطاع دونا عن بقية العلماء والمحدثين والدعاة في عدن أن يجذب الناس من كل المشارب والتوجهات لتقف بين يديره تسمع خطبه ومواعظه الدينية والأخلاقية والفكرية، وجدته البعض من النخب مفكرا عصريا وأكاديميا، كما وجدته العامة  صوفيا عاميا، ووجد طلاب العلم عنده بغيتهم في الفقه المعاصر والعلوم الشرعية، يجيد الشرح بالشعر والنثر والخطابة بالإيجاز والألغاز يخاطب العقول قبل القلوب، تسمعه وكانه يعضك أنت دون الناس، تجد في حديثه والتفاتته قراءة في الدخائل النفسية لديك، تحسبه كشف أسرارك واطلع من سابق عن أخبارك له قراءة لا يجيدها غيره من الدعاة والعلماء.

اجرى أول مناظرة علمية له تشهدها عدن في عام 90م في مسجد أبان قدمها بذكائه وحنكته وحكمته وغزارة علمه أمام حشد من التناقض والتباين الفكري والعقائدي المزعوم للصوفية والسلفية وكان حوارا متزنا شارك فيه  أبو إبراهيم ( الشيخ إيهاب)، والذي كان أديبا بليغا قارئا متكلما فصيحا، وعلى الرغم من حدة الخطاب وألفاظه وعباراته إلا أن جامع أبان حينها أحاطته السكينة وغشيته الرحمة وكان آمنا وهادئا تحفه الملائكة، انتهت المناظرة وانتهت  الصلاة وانصرف الاتباع كل يفكر في تحليل المناظرة وحكمة وحنكة المتناظرين وأعجب الناس كثيرا بصبر وأناة واتزان الشيخ أبوبكر المشهور وحكمته.

كان مما تميز به حديث المجالس التي يعقدها الشيخ المشهور بعد صلاة الفجر أو بعد صلاة المغرب سواء في جامع العيدروس أو غيره أن حديثه ليس كاحاديث العلماء وعباراتهم النصية واللفظية المدونة في الكتب، كان يتحدث من كتاب مفتوح ليس بيد أحد من الناس ولا تجد كلماته مسجلة في الكتب والسطور لكنها ليست بعيدة عن العلم والفقه والحديث والسيرة يستمع إليه العامة والعلماء فيجيد الحديث معهم بلغاتهم على السواء في آن واحد.
إذا حضر الشيخ المشهور مجلسا أيا كان فالحديث حديثه والمقام مقامه.

من بعض أقواله وقراءاته العصرية التي سمعناها هو تقليله من قيمة الخلاف بين السلفية والصوفية المحتدم في فترة التسعينيات وقوله وكأنه ينظر في المستقبل بعينه الثاقبة وهو يقول لا تشغلوا أنفسكم بهذه الترهات، ماذا أنتم فاعلون عندما يحمل راية الإسلام الشيعة ويتزعمون المرحلة ونحن من خلفهم شتات لا هيبة لنا نحن الصوفية والسلفية على السواء أمام الشيعة، وعندما ننظر أين وصلت الشيعة في زماننا نعاود ونتذكر قراءة الشيخ المشهور الأحداث فتصدق قراءته.

مما نتذكره كحالات تميز فيها هو الحيرة التي انتابت الرئيس السابق علي عبدالله صالح عند تدشينه افتتاح جامع الصالح في صنعاء وبين يديه كوكبة من العلماء والدعاة من الزيدية والسلفية وعلماء من دول العالم الإسلامي أسماء لامعة، ولم يتمكن الرئيس من اختيار العالم والداعية الذي يتصدر المشهد ويعتلي منبر جامع الصالح المرة الأولى فما كان منه إلا أن يقع ناظره واختياره على الحبيب الشيخ المشهور الداعية والمفكر الإسلامي الجهبذ ليتم استدعائه من أراضي المملكة ليصل صنعاء بطائرة خاصة ليصعد على منبر جامع الصالح ويقدم خطبة رمزية تشبه الألغاز لا يفهمها إلا العارفون، استنكر الكثير طريقة الشيخ المشهور في الخطابة وهو يمتدح ويذم ينصح ويلوم يريد ويرفض وكان أشهر ما قاله في الخطبة (نعم لتشييد البنيان  وبناء الإنسان في آن واحد)  حضر الخطبة السيد طنطاوي شيخ الأزهر والشيخ البوطي وشيوخ من المغرب والحجاز وآسيا وأفريقيا ومن كل دول العالم الإسلامي وكوكبة لا حصر لها من علماء اليمن بمختلف مشاربهم.

رحل الحبيب المشهور وترك خلفه ما ترك من الأزمات والابتلاءات وهو يدعو الناس إلى الثبات والاعتماد بعد الله على الذات وهو يقول عودوا إلى حياتكم واعتمادكم على الله فسيأتي عليكم زمان لا تجدون رواتب فمن كان عنده غنم فليعد إلى غنمه عودوا وازرعوا أرضكم ولا تتكلوا إلا على الله فهو خير الرازقين.

رحمك الله شيخنا وحبيبنا ومعلمنا الموجه والمفكر الإسلامي الداعية إلى الله سبحانه وتعالى بالوسطية والاعتدال صاحب رؤية مراتب الدين الأربعة (الإسلام والإيمان والإحسان وأشراط الساعة) شارحها بالتبسيط بطريقة عصرية لم يقل بها أحد ولم يخالف فيها أحد بشرحه لحديث جبريل عليه السلام.

رحمك الله يا قارئ الأفكار وواعظ العلماء والزعماء ومعلم أصول الدعوة والفكر الأبوي النبوي الشريف المرتبط بالسلف أبا عن جد معيد السلسلة وفكر الإجازة العلمية والبحث العلمي في الفقه والأصول والعقيدة والأخلاق.

لقد ثلم في العالم ثلمة بفقدك ياحبيبنا المشهور رحمة الله تغشاك وأنت تعود بروحك إلى بارئك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا نحسبك عند الله كذلك وهو نعم الوكيل والأمر كله بيده وهو المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى