من ينكر الوضع المأساوي الذي وصلت إليه عدن ومحافظات الجنوب الأخرى، إما أنه لا يرى ولا يسمع ولا يحس أو أنه يعيش في برج عال وعاجي، الوضع المأساوي واضحة مؤشراته في انهيار الدولة بكل مؤسساتها، وبالتالي انهيار الخدمات في الكهرباء والمياه والتعليم والصحة، وفي تدهور الاقتصاد وانهيار العملة وارتفاع الأسعار وفرض الجبايات الغير قانونية والتحايل والفساد في الجبايات القانونية و بعثرت الموارد وغياب التخطيط المالي والإداري والفساد في المناقصات والتنفيذ السيء في المشاريع وغياب التخطيط لها بحسب الأولويات، وانتشار الأمية والأمراض وتفشي البطالة وأفراد وضباط أمن غير مدربين وغير مؤهلين، انحدروا من صفوف المقاومة الجنوبية البطلة والعنتريات والتفحيطات وتدهور الأوضاع في الشرط وتركيبة القوات المناطقية وأحيانا من قبيلة واحدة وأحيانا من أسرة واحدة وغير ذلك مما يدركه الجميع، ولا يوجد مايبرر ذلك غير فشل الدولة و انهيارها وتراكم الإخفاقات والفساد والتدهور منذ ما بعد حرب صيف 1994م وعدم أهلية الأجهزة الإدارية و المؤسساتية الحالية في القيام بمهامها وانعدام الرقابة والتوجيه وانشغال الكثيرون وتركيز الاهتمام بالإعلام وتزيين وجه الحكومة وبعض العناصر ممن لا يهمهم وضع الناس.

ومن الأسباب الأساسية لهذا التدهور عدم اكتراث بعض الوزراء في حكومة المناصفة بأوضاع المناطق المحررة بل وبشكل متعمد جعل أوضاعها تتدهور بهدف كما سبق وان صرحوا به منع (استقلال الجنوب ) ومن الأسباب سلبية المواطنين تجاه تلك الأوضاع وحالة الإحباط وغياب آليات فاعلة لدى القيادات السياسية الجنوبية، كل تلك المظاهر هي نتائج للحرب ضد شعبنا القائمة من عام 1994 م وحتى اليوم.

والسؤال الأساسي هل ستستمر الأوضاع كما هي، أم أن هناك حلول ناجحة لها؟ إن الحل الناجح لا يمكن أن يتحقق إلا بعد استعادة دولتنا الجنوبية، لكن هل يستطع الناس الانتظار إلى ذلك اليوم الغير محدد أم أننا سنوصلهم جثثا هامدة، حاملة كل أمراض صراعاتنا السابقة، وتحمل غباءنا؟

بالتأكيد لانريد ذلك، لكن لماذا هذا الوصع؟ لأننا نعيش في حالة مزدوجة مركبة ومعقدة تتنازع الإدارة والقيادة أطراف مختلفة ومتناقضة بل ومتصارعة وتحمل أجندات ومشاريع مختلفة وهناك أجندة اقليمية ودولية لا يهمها غير مصالحها والبلد تحت البند السابع ولكن ليس تحت الوصاية فهي حالة خاصة تسمى (الحالة اليمنية )غريبة جدا.

وعلى المجلس الانتقالي الجنوبي ومعه القوى الوطنية المخلصة أن يبذل جهدا مضاعفا وسط هذا الكوم من المشاكل. والتعقيدات واستخدام مختلف الآليات المتاحة لتحسين هذه الأوضاع والتخفيف من آلام الناس قدر الامكان لأن الناس معلقة آمالها عليه ليخرجها من هذه المحنة.