على خطى الكويت.. البحرين تشدد القيود على العمالة الوافدة

> المنامة "الأيام"

> ​اتخذت الحكومة البحرينية سلسلة من الإجراءات لتشديد القيود على العمالة الوافدة، فيما يبدو استجابة لضغوط شعبية متزايدة، تنتقد التساهل الرسمي حيال هذه الفئة، ومنحها امتيازات للعمل في القطاع الحكومي والخاص على حساب المواطن البحريني.

وتعد البحرين “جنة الوافدين”، حيث إنها تسمح لهم بالعمل في جميع القطاعات الاقتصادية والخدمية. ولطالما غضت السلطات البحرينية الطرف عن تدفق العمالة غير النظامية، على خلاف الدول الخليجية المحيطة التي اتخذت خطوات متقدمة في سياق إعادة هيكلة سوق الشغل، عبر خطط لتوطين العديد من المهن، فضلا عن ملاحقة العمال غير النظاميين وترحيلهم إلى بلدانهم.

وهناك من الدول الخليجية من ذهب بعيدا في هذا التمشي، على غرار الكويت التي وضعت خطة لإنهاء خدمات نحو سبعين في المئة من العمالة الوافدة خلال الخمس سنوات المقبلة، وهذا التوجه الخليجي العام نحو تقليص أعداد العمالة الوافدة، بات يشكل عامل ضغط إضافيا على البحرين، خصوصا في ظل دعوات شعبية متصاعدة تطالب ضرورة الاحتذاء حذو الدول الجارة.

ويقول منتقدو الحكومة البحرينية إن دولا خليجية ثرية تملك من الإمكانيات ما يكفي لاستيعاب العمالة الوافدة، اتخذت خطوات عملاقة باتجاه تقليص أعداد العمالة الوافدة، في المقابل فإن البحرين التي تعاني أوضاعا مالية واقتصادية غير مستقرة، ولا تصنف من الدول الغنية، لا تزال تعتمد سياسة الأيادي المفتوحة مع الوافدين.

ودفعت هذه الضغوط المتصاعدة على ما يبدو ولي العهد البحريني ورئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد، إلى البحث جديا في إعادة النظر في التعاطي الحكومي مع مسألة العمالة الوافدة، ولاسيما غير النظامية.

وأعلن وزير العمل جميل بن محمد علي حميدان خلال مؤتمر صحافي عن بدء تسجيل العمالة الوافدة، لمكافحة ظاهرة العمالة غير القانونية، وقال حميدان إن عملية التسجيل تهدف أيضا إلى تعزيز الجهود لتوفير البيئة المناسبة للعمال، بما يراعي حقوقهم ويزيد من فعالية دورهم في التنمية الاقتصادية.

وتأتي عملية التسجيل بالشراكة مع القطاع الخاص، وجاءت بعد قرار رئيس الوزرء مطلع الشهر الجاري إلغاء تصريح العمل المرن، الذي طبق قبل نحو ست سنوات، وهو نظام يسمح للعمال غير النظامين بتعديل أوضاعهم وكفالة أنفسهم.

ومنذ إلغاء النظام، قامت الجهات المعنية، ومنها هيئة تنظيم سوق العمل والشرطة، بحملات تفتيشية وتشديد التعامل مع المخالفين من أصحاب العمل والعمال، وتشمل القرارات أيضا ربط رخص العمل المهنية بالمعايير والمؤهلات.

وأوضح وزير العمل، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء البحرينية، أن القرارات تهدف إلى استقرار ونمو سوق العمل لتوليد المزيد من الفرص النوعية للمواطنين، وإطلاق العديد من المبادرات الهادفة إلى تسريع إدماج الباحثين عن عمل في منشآت القطاع الخاص، إلى جانب تكثيف الجهود للتصدي لمختلف الظواهر السلبية في السوق، ومنها ظاهرة العمالة غير النظامية.

وشدد حميدان على أن البحرين تواصل مساعيها الداعمة لتوفير بيئة العمل السليمة والآمنة والمنتجة المتوافقة مع معايير العمل الدولية.

وأكدت الرئيسة التنفيذية لهيئة تنظيم سوق العمل نوف عبدالرحمن جمشير أن الحملات التفتيشية تهدف إلى تشديد التعامل مع المخالفين من أصحاب العمل والعمال، والتصدي للممارسات غير القانونية، بما فيها بيع تصاريح العمل والعمل من دون تصريح، إضافة إلى مكافحة جميع أشكال الاتجار بالأشخاص والعمل الجبري.

وكشفت عبدالرحمن جمشير أن تسجيل العمالة الوافدة سيتم عبر استحداث “مراكز تسجيل العمالة” في نظام “سجلات”، وذلك بالتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة، وهو ما سيسهم في التصدي لظاهرة العمالة غير النظامية من خلال تسجيل كافة الفئات المستهدفة من العمالة الوافدة في مراكز التسجيل.

وأكدت القيام بتفعيل نظام حماية الرواتب لضمان حقوق العمالة وأصحاب العمل من خلال الرقابة المستمرة، ما يسهم بالتالي في توفير بيئة عمل ترتكز على المرونة والتنافسية والعدالة والاستدامة، بما يحمي جميع الأطراف من خلال تصحيح أوضاع كافة العمالة في المملكة.

وأشارت إلى أن تسجيل كافة العمالة الوافدة سيلبي احتياجات سوق العمل للعمالة الفنية بالوظائف المهنية، حيث لن يتم السماح بالعمل في المهن التخصصية إلا بعد الترخيص لمزاولة المهنة أو المعادلة من الجهات المعنية.

وفي ما يتعلق بأبرز شروط نظام تسجيل العمالة الوافدة، أوضحت عبدالرحمن أن العمالة الوافدة المتواجدة في مملكة البحرين فقط يمكنها التسجيل في النظام، كما سيتم إلزام العمالة برسوم إصدار وتجديد التصريح والتأمين الصحي وتأمين نفقات المغادرة، بالإضافة إلى الرسوم الشهرية ورسوم التسجيل، ولن يتم قبول الأشخاص الصادرة ضدهم مخالفات جنائية، والعمالة المقدمة ضدها بلاغات ترك عمل (هروب)، كما لن يتم قبول الوافدين إلى المملكة بتأشيرة الزيارة في نظام تسجيل العمالة، ولا يسمح كذلك للعامل المسجل بالحصول على سجل تجاري.

وأثار نظام العمل المرن الذي جرى اعتماده في العام 2017، انتقادات واسعة، حيث فسح المجال للعمال الوافدين للقيام بنشاطات اقتصادية متفرقة، وبعضهم خرج من مظلة العمل عند أصحاب الأعمال، وبدأ يفتح مشاريعه الخاصة وبأسعار زهيدة أضرت بأصحاب الأعمال.

ويقول في هذا الإطار الكاتب الصحافي فيصل الشيخ إن إنهاء العمل بنظام العمل المرن “خطوة صحيحة تماما في إطار حل مشكلة تزايد أعداد العمالة في البحرين، وبالأخص العمالة ‘السارحة’ بترخيص أو ‘المتجولة’ من دونه”.

وشدد الشيخ على أن “العمالة المتجولة هي التي يجب ضبطها وإنهاء وجودها غير الشرعي، وهنا جانب هام أيضا معني بمن يستعين بغير المصرح لهم العمل لقضاء أعماله المختلفة سواء في البناء أو الزراعة أو غيرها من أعمال”.

ويرى متابعون أن توجه الأمير سلمان إلى إعادة النظر في ملف العمالة الوافدة ينطوي أيضا على أبعاد ديموغرافية، ذلك أن نسبة الوافدين بدأت تتجاوز نسبة المواطنين البحرينيين، وفقا لآخر إحصائية صدرت في العام 2021.

ويشير المتابعون إلى أن هناك تخوفا من اتساع الفجوة الديموغرافية بين المواطنين والوافدين، الأمر الذي قد يخلق إشكاليات كبيرة في المستقبل، يصعب تلافيها. ويبلغ عدد سكان البحرين من أجانب مغتربين ومقيمين في عام 2021 نحو 568.790 ألفا، بفارق 31.071 أكثر من عدد المواطنين البحرينيين.

ويقول المتابعون إن من غير المتوقع أن تذهب البحرين باتجاه التخلص من العمالة الوافدة على غرار الكويت، فهي تعتقد أنها لا تزال في حاجة ماسة إليها في دورتها الاقتصادية، لكن الحكومة البحرينية ستحاول احتواء أعداد العمالة المهمشة، وغير النظامية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى