موقع الجنوب في عملية السلام

> من الناحية الموضوعية يقع الجنوب في قلب عملية السلام الشاملة والذي منه تضخ الدماء إلى كل أجزاء الجسم.

وقد احتل هذا الموقع لكون حل قضية شعب الجنوب هي مفتاح لحل كل المشاكل، باعتراف الكل على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي ولا يوجد إجماع على أي أمر في صنعاء وعدن مثل الإجماع على أولوية حل قضية شعب الجنوب، لكن كل يغني على ليلاه وكل واحد يريد أن يكون الحل وفق مصالحه، فمنهم من يريد الأولوية لحل هذه القضية بهدف دفنها، البعض الآخر بريد حلها بما يرتضيه شعب الجنوب، وبين هذا وذاك آخرون لهم أجندتهم لكن لا يستطيع أحد أن يقفز على قضية شعب الجنوب إلا في إطار تفكيره، لترتيب أولويات الأجندة في المنطقة، فكل يريد يضعها في الترتيب لما يلبي مصالحه، ولما يتفق مع موقفه تجاهها فمنهم من يضعها في أول درجات السلم لجدول السلام الشامل، ومنهم من يضعها في آخر درجة، ومنهم من يريد لها أن تكون متواجدة في كل درجات السلم، كما يراها مجلس القيادة الرئاسي، والبعض يريد لها أن تكون في وسط السلم، لكن النخب السياسية والقيادات الجنوبية تدرك تماما أين تفرض نفسها أن تكون انطلاقا من تأثيرها وتأثرها ببقية الأجندة، وهناك مرجعيات قد تناولت تلك القضية وحددت آلية عملية لحلها وموقعها بين بقية الأجندة، حيث كان من نتائج المشاورات في مقرمجلس تعاون دول الخليج في الرياض أن يضع لها إطارا تفاوضيا في أجندة مفاوضات وقف الحرب وحلها في عملية السلام الشامل، لكن ما رشح عن مجلس القيادة الرئاسي فإنه يضع الإطار خلال عملية السلام كاملة، وهذا كلام تضخيم لذاك الإطار، ولكن يحاول التملص من نتائج مشاورات الرياض، بأن ينجز ذلك الإطار في مفاوضات وقف الحرب، أما خارطة طريق عملية السلام المسربة في صحيفة الشرق الأوسط وصحيفة العرب والذي أكدت بعض الأوساط السياسية صحتها، وبعض تصريحات القيادة أو المقربة منها، فإنه لا تظهر هذا الإطار لكنها وضعت قضية شعب الجنوب آخر نقطة في أجندات عملية السلام الشاملة، أي بعد ما سموه دمج البنك المركزي وتوحيد العملة والجيش، وبعد التوافق على شكل الدولة بمعنى آخر بعد تقويض النصر الجنوبي الذي تحقق بتضحيات الجنوبيبن الجسام، وبعد تقويض كل الأسس التي بدأت تتكون للدولة الجنوبية المنشودة، وتثبيت مرتكزات الاحتلال اليمني للجنوب، مثل المنطقة العسكرية الأولى، والتواجد العسكري في المهرة، واستمرار احتلال مكيراس وغير ذلك، ناهيك عن إعادة دمج ما تم تفكيكه خلال سنوات النضال على طريق العودة إلى باب اليمن. لقد تأخرنا كثيرا في تقديم رؤانا للمجتمع المحلي والإقليمي والدولي، و اكتفينا بالعنوان (الاستقلال واستعادة الدولة وأحيانا نتحدث عن فك الارتباط أو حق تقرير المصير) لدرجة أن مجلس القيادة الرئاسي يرمي الكرة في ملعب أعضائه الجنوبيبن، لتقديم رؤية لحل قضيتهم وكأنه لا توجد لدى الجنوب رؤية خلال سنوات نضالهم الطويلة.

إن ماورد في ترتيب أجندات عملية السلام الشاملة المسربة و المؤكدة، والتي وضعت حل القضية الجنوبية في آخر أجندات عملية السلام الشاملة، يأتي طبقا لتصريحات مراكز النفوذ اليمنية، سواء أكان في إطار مجلس القيادة الرئاسي، ممثلا بالدكتور رشاد أو تصريحات حكومة الأمر الواقع في صنعاء، على لسان محـمد علي الحوثي وغيره، وهم بذلك يريدون زحلقة قضية الجنوب والهروب من حلها، ظنا منهم أنهم بذلك يستطيعون تهميشها وعودة الجنوب تحت الاحتلال اليمني المتخلف والمضحك جدا، أو لنقل محاولة استهبال قضية شعب الجنوب وتهميشها، بأن توضع في أجندة عملية السلام الشامل بعد النظر فيها، والاتفاق على شكل الدولة، فأي حل يريدون لقضية الجنوب بهكذا ترتيب وهم يضعون العربة قبل الحصان، بل و يتخلفون كثيرا عما تم في مؤتمر حوار موفنبيك في صنعاء، الذي لم تستطع لجنة بناء الدولة، وتحديد شكلها التقدم خطوة واحدة قبل إنجاز لجنة القضية الجنوبية، و ظلت الأمور تراوح محلها، لأن قضية شعب الجنوب كانت تفرض نفسها، و أولوياتها على غيرها إلى حين ذبح الحوار، والخروج بنتائج مشوهة أدت إلى الحرب التي يعاني منها الناس على مدى ثماني سنوات، بدأت اليوم تضع أوزارها، لكن إذا لم يحسنوا ترتيب أولويات عملية السلام الشاملة، وحلها حلا جذريا يرتضيه شعب الجنوب فلن تكون هذه العملية إلا تأسيسا لحرب قادمة أكثر ضراوة وشراسة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى