> «الأيام» خيوط:

محمد عبدالله مخشف، صحفي يمني، من مواليد مارس 1947، بمدينة الشيخ عثمان، محافظة عدن.

درس الابتدائية والمتوسطة في المدارس الحكومية في الشيخ عثمان، وانقطع عن الدراسة بعد السنة الثانية من الثانوية (نظام التدريس البريطاني القديم في عدن) لظروف قهرية؛ نتيجة فقر والده، وعدم قدرته على تحمل مصاريف الأسرة، فضلًا عن توفير مصاريف التعليم.

لكن هذا الفقر لم يحُل بينه وبين تثقيف نفسه؛ إذ شُغف بالقراءة والاطلاع على الصحف والمجلات المحلية، ثم المصرية واللبنانية منذ نعومة أظافره؛ ما عوضه عن حرمان مواصلة الدراسة المنتظمة.


توسعت مدارك فقيد الصحافة، وتفتح وعيه ونظرته إلى الدنيا في عمر مبكر؛ فقد كانت القراءة هي النافذة التي تسلل من خلالها حبه وشغفه بالصحافة التي شاء القدر أن يرتبط مصيره بها كمهنة لم يعرف سواها، ولم يعشق غيرها منذ بداية حياته العملية، وهو في سن الخامسة عشرة من عمره.

بدأ مشوار حياته الصحفية في مدينة عدن، بالالتحاق بصحيفة "فتاة الجزيرة" اليومية، لصاحبها الأستاذ المستنير محمد علي لقمان، كمحرر تحت التدريب، وذلك بتصحيح البروفات، وتحرير صفحة أسبوعية للشباب، وتسجيل وتفريغ الأخبار من الإذاعات المحلية والعربية.

في مطلع عام 1965، التحق بصحيفة "الأيام"، الصحيفة اليومية الواسعة الانتشار، لصاحبها الأستاذ محمد علي باشراحيل، بوظيفة مساعد محرر، فإلى جانب عمله الأساسي في تسجيل وتفريغ الأخبار التي تهم الجريدة من الإذاعات، بدأ اسمه ينتشر ككاتب عمود، ومحرر فني متابع لأنشطة الحركة الفنية التي كانت مزدهرة في تلك الفترة، بالإضافة إلى أنه كان يُجري مقابلات صحفية مع مشاهير الفن والغناء، وتغطية حفلاتهم الساهرة آنذاك.

في العام 1966، كان له في صحيفة "الأيام" الريادة في خوض تجربة جديدة عليه وعلى صحافة ذلك الزمان، وهي التحقيق الصحفي المصور الميداني الذي لم تكن تهتم به الصحافة في ستينيات القرن الماضي، بل ولم تكن تعرفه مطلقًا.

في شهر أبريل 1967، توقفت جريدة "الأيام" عن الصدور قسريًّا؛ بسبب تردي الأوضاع الأمنية في عدن؛ وبسبب تزايد حِدّة الصراع بين الجبهتين القومية والتحرير، اضطر للنزوح، إلى شمال الوطن؛ بحثًا عن عمل، وهناك التحق بإذاعة صنعاء كمحرر في قسم الأخبار، ثم عاد إلى عدن بعد عدة أشهر مع خروج القوات البريطانية، ونيل الاستقلال.

بعد عامين من البطالة، استدعاه في مطلع العام 1970، الصحفي البارز محمد ناصر محمد؛ ليكون معه ضمن طاقم محدود اختاره بنفسه في تأسيس وإنشاء أول وكالة أنباء وطنية على مستوى منطقة الجزيرة والخليج، أطلق عليها اسم وكالة أنباء عدن (أ. ن. أ)، وفي هذه الوكالة وجد عالَمًا خصبًا وجديدًا، هو عالم الأنباء والأحداث العاصفة التي تتدفق وقائعها ومجرياتها من مختلف أنحاء العالم مباشرةً أولًا بأول.

لم يأتِ العام نفسه على نهايته، حتى اختير مراسلًا معتمدًا لوكالة رويترز، وظل يعمل مراسلًا لها حتى يوم وفاته؛ أي مدة 51 عامًا، وقد أطلق عليه "عميد المراسلين الصحفيين اليمنيين، وملك الخبر".

في بداية عام 1993، اختير عن طريق الصحفي اليمني البارز والمهاجر في السعودية الأستاذ فاروق لقمان، مراسلًا لجريدة الاقتصادية السعودية اليومية التي تصدر عن الشركة السعودية للأبحاث والنشر، وتطبع في الرياض ولندن، واستمر في العمل بها لمدة 13 عامًا.

عاصر مخشف جيلَ العمالقة من الصحفيين في عدن وما جاورها، أمثال: محمد علي لقمان، وعلي لقمان، وفاروق لقمان، ومحمد علي باشراحيل، ومحمد أحمد بركات، ومحمد ناصر محمد، وعمر عبدالله الجاوي.

في بداية عام 1973، انتقل إلى صحيفة 14 أكتوبر اليومية الوحيدة في عدن، وأوكل إليه رئاسة قسم الأخبار، وكذلك رئاسة النوبة الليلية لعدة أيام في الأسبوع.

وفي مطلع العام 1979، عاد للعمل مجددًا إلى وكالة أنباء عدن (أ. ن. أ)، وعهد إليه مسؤولية مدير التحرير فيها، بناء على طلب من الإعلامي البارز الأستاذ عمر عبدالله الجاوي، الذي كان قد عُيّن رئيسًا لمجلس إدارة الوكالة.

في منتصف عام 1980، عاد إلى صحيفة 14 أكتوبر بعد إقالة عمر الجاوي من رئاسة الوكالة على خلفية تداعيات أحدثها حديث صحفي جريء وصريح غير مألوف حينها كان قد أجراه مع عبدالفتاح إسماعيل- الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، ورئيس الدولة في الجنوب وقتها، وذلك قبيل استقالته المعلنة "لأسباب صحية"، في أبريل من العام نفسه.

في انتقالته الثانية إلى صحيفة 14 أكتوبر، تقلد مسؤوليات قيادية بين مختلف إدارات التحرير فيها كالأخبار المحلية، والتحقيقات، والشؤون العربية والدولية، ثم سكرتيرًا للتحرير.

في بداية عام 1983، انتقل إلى دار الهمداني للطباعة والنشر في العاصمة عدن؛ بناءً على طلب من صديقه الشهيد أحمد سالم محمد الحنكي، الذي عيّن للتو رئيسًا لمجلس الإدارة، وأسند إليه مهمة سكرتير تحرير مجلة جديدة صادرة عن الدار، هي المسار، التي كانت أول مجلة سياسية اجتماعية اقتصادية مصورة جامعة تصدر في اليمن، وكان قد شارك في وضع تصورها وإنشائها الشاعر والإعلامي العربي البارز الأستاذ سعدي يوسف، الذي نزح إلى عدن من بيروت عقب الغزو الإسرائيلي للبنان.

في عام 1987، كلف من قبل وزير الإعلام حينها د. محمد أحمد جرهوم مع زميليه نعمان قائد سيف، وإبراهيم محمد الكاف، بإصدار مجلة جديدة تُعنى بشؤون المغتربين، أطلق عليها اسم "نداء الوطن"؛ لتكون بديلة عن مجلة المسار التي توقفت بعد أحداث 13 يناير 1986، ومقتل رئيس مجلس إدارة دار الهمداني أحمد سالم محمد الحنكي، وقد عمل في البداية سكرتيرًا لتحرير "نداء الوطن"، ثم مديرًا لتحريرها قبل أن يتم دمج المجلة مع نظيرتها "الوطن" اليمنية التي كانت تصدر في صنعاء، في إطار إجراءات التمهيد لقيام دولة الوحدة اليمنية التي تمت بعد ذلك في 22 مايو عام 1990.

شارك مخشف بنشاط في مختلف مراحل الحراك الصحفي لتأسيس كيان نقابي ومهني للصحفيين اليمنيين منذ بدء الخطوات الأولى مطلع سبعينيات القرن الماضي، الذي توج بانعقاد أول مؤتمر تمخض عنه إنشاء منظمة في عدن عام 1976، تحت اسم "منظمة الصحفيين اليمنيين الديمقراطيين".

في العام 1978، شارك في وفد من المنظمة برئاسة سالم باجميل- السكرتير العام، وعضوية علي فارع سالم- سكرتير العلاقات الخارجية، في حضور مؤتمر استثنائي لاتحاد الصحفيين العرب، عُقد في بيروت للتضامن والمطالبة بإعادة مجموعة كبيرة من الصحفيين المصريين إلى أعمالهم الأصلية بعد أن كانوا قد تعرّضوا للفصل التعسفي من قبل نظام السادات؛ بسبب معارضتهم لمبادرته بزيارة إسرائيل، وما تلاها من خطوات للصلح المنفرد معها.

كما شارك في نفس العام، في عضوية وفد المنظمة برئاسة باجميل في زيارة عمل إلى سوريا، للتباحث والتوقيع على اتفاقية للتعاون مع نقابة الصحفيين فيها.

تلقى عددًا من الدورات التدريبية المتخصصة في كل من دمشق والقاهرة، وفي عام 1981، انتخب في المؤتمر الثاني لمنظمة الصحفيين اليمنيين عضوًا في المجلس المركزي، وأعيد انتخابه في المؤتمر الثالث عام 1985، وفي مؤتمر استثنائي عقد في العام 1986، انتخب عضوًا في الأمانة العامة للمنظمة، وكلف بتولي مهام سكرتير العلاقات الداخلية.

في عام 1987، توجه إلى صنعاء ضمن وفد من المنظمة برئاسة أمينها العام حسين محمد حسين، لطرح مبادرة على الإخوة في النقابة للارتقاء بالعلاقات إلى مستوى متقدم من التنسيق والتقارب والتمثيل الموحد بوفود مشتركة واحدة في المؤتمرات والمشاركات الخارجية.

في عامي 88 و1989، واصلَ جهوده في الحوارات التي كانت جارية بين المنظمة والنقابة عبر تقريب وجهات نظر الطرفين؛ للتوصل إلى اتفاق يحقّق الدمج والتوحيد الكامل لكيانَي الصحفيين القائمين في صنعاء وعدن، والذي توج في آخر حوار جرى في ديسمبر 1989، بالتوقيع على اتفاقية لانصهار وذوبان المنظمة والنقابة في إطار واحد، أعلن عن قيامه في مؤتمر توحيدي عقد في صنعاء في شهر يونيو 1990.

تزوج مخشف في العام 1974، من ابنة الفنان المطرب والموسيقي اليمني محمد مرشد ناجي، وهو أب لثلاثة من البنين و وبنت واحدة.

تُوفِّي في ليلة العشرين من رمضان 1442هـ، الموافق الثاني من مايو عام 2021م، عن عمر ناهز الـ75 عامًا، بعد مسيرة مهنية زاخرة بالعطاء والتميز.

*المادة معدة صحافيا من سيرة الراحل المتداولة وليس من مصادر محددة*