حتى لا يتواصل الفشل في السلام كما في الحرب

> السلام الدائم بين عدن وصنعاء، يقتضي الاعتراف الكامل بالحقوق الوطنية والسياسية لشعب الجنوب في أرضه".

كل حديث عن السلام في اليمن و الجنوب العربي، أو إعادة الإعمار لا يعدو كونه كلاما سياسيا فارغ المحتوى.

طالما أطراف الصراع في هذه الحرب الكارثية بشكل أو بآخر سواء منها المحلية أو الإقليمية و الدولية، لا تزال بعيدة عن تشخيص جذورها و أسبابها الحقيقية و الجيوسياسية.

ليس خافيا على كثيرين تاريخ الحروب في هذا الإقليم منذ قرن من الزمان، أي منذ ظهور سلطة الأئمة في صنعاء و نزعتها التوسعية، وما تزامن معها من عوامل محلية أخرى.

أولها وأهمها فشل بناء دولة مواطنة حقيقية في صنعاء، التي تقوم على أساس الدولة الوطنية الجامعة.

وثانيها هي الحقوق الوطنية لشعب الجنوب الذي يتعرض للغزو اليمني، منذ قرون ليس آخرها ما جرى في 94م و2015م، و حقه في الخروج من مشروع الوحدة الفاشل و استعادة هويته و إقامة دولته المستقلة.

أما ثالثها هو سيطرة جماعة عنصرية طائفية منحرفة في صنعاء، ترى في نفسها أنها صاحبة حق إلهي في الحكم وتريد العودة بالصراعات إلى ما قبل ألف و أربعمائة عام.

من دون أدنى شك أن التنافس الإقليمي و الدولي على الممر البحري المهم جدا للاقتصاد العالمي في باب المندب و خليج عدن، اللذان أصبحا مركزا لتنافس الدول الكبرى، وجعلها تتسابق على بناء قواعد عسكرية في المنطقة، وكذلك حروب الطاقة التي ما أن تستقر حتى تظهر أزمة جديدة أخرى، جميعها تلعب دورا سلبيا في التأثير على هذه الحرب و إدارتها.

من هنا نقول إن كل الحديث الحالي عن محادثات سلام أو إعادة الإعمار، ما هي إلا هروب من مواجهة الاستحقاقات الواقعية و الجيوسياسية الأساسية، و تقديم حلول حقيقية لهذه الحرب التي خلقتها قوى الهيمنة اليمنية و اختطفتها إيران، لتجعل منها جزءًا من حربها الإقليمية للدفاع عن نظامها و منعه من السقوط، من خلال وكلائها في صنعاء وبغداد و دمشق و بيروت.

إن الولايات و المجتمع الدولي، على الأقل في ظل إدارة الديمقراطيين، لم يقدموا أي تصور عملي حتى الآن على الأقل، عن ما هو مشروعهم للسلام في نظرهم، وإنما أحاديث لا تخلو من عدم الجدية، و بالطبع طالما أن مصالح المجتمع الدولي و خصوصا أمريكا لم تمس مباشرة بشكل مؤذٍ، سوف لن نشهد أي تحرك جدي لإحلال سلام يقوم على تحقيق العدالة و منع قيام أي حرب مستقبلية.

ولهذا يمكن القول إن الحرب في اليمن و الجنوب العربي مستمرة، و إن تراجعت في حضورها الإعلامي لكنها لن تتوقف، و بأشكال أخرى كالإرهاب، حتى الهدنة التي تم التوافق عليها قبل عام و نصف، ولم يتم تجديدها لم تمنع المواجهات شبه اليومية على الحدود الدولية بين اليمن و الجنوب.

طالما أسباب الحرب و جذورها لا تزال حاضرة بقوة حتى اليوم، ولا يوجد أي توجه لاقتلاعها.

فعن أي سلام أو إعمار يمكن الحديث؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى