السلاطين الثلاثة.. بين الوصول والمغادرة ماذا حصل؟!

> 6 عاما على وصول سلاطين المحمية الشرقية القعيطي والكثيري والمهري إلى بحر المكلا على متن باخرة أقلتهم من ميناء جدة، إلا أنهم لم يتوقعوا يومها ألا تطأ أقدامهم ميناء المكلا ولعلهم لم يأت يوما أن يعودوا من حيث جاءوا وأن هناك من سيعيدهم فور وصولهم ولن يعودوا حكاما وسلاطين على دولهم وشعوبهم منذ صبيحة 17 سبتمبر1967، فما الذي حصل واستجد ما بين وصولهم ومغادرتهم فجأة تحت الإكراه؟

حكاية الثلاثة السلاطين الذين لم يسمح لهم بالنزول من الباخرة. أنقلها مما كتبه سعادة السفير المؤرخ عبدالعزيز بن علي بن صلاح القعيطي، الذي وثق وسرد ما حصل على ظهر الباخرة، وهي قريبة من ميناء المكلا الذي لم ترسُ فيه، وهوشاهد على ذلك، كونه أحد ركابها. ويقول الأستاذ عبدالعزيز في كتابه ربع قرن في الدبلوماسية: تحركت الباخرة وفيها السلطان القعيطي، وبرفقته الشيخ عبدالله باعشن، والسلطان الكثيري، وأخوه عبدالمجيد، وسكرتيره السيد محمد بن عبيداللاه السقاف، والسلطان المهري، ومرافقه، وعبدالعزيز علي القعيطي، وزميلي حسين مصطفى بن سميط، الذي حضر معي من القاهرة. أبحروا من ميناء جدة، في صباح يوم السبت السادس عشر من سبتمبر -والحديث للأستاذ عبدالعزيز القعيطي- حدثت مفاجأة غير متوقعة ولم تكن في حسبان أحد ممن كان في المكلا، إذ لم يعلم بجوهرها إلا بريطانيا والسعودية،إذ وصلت برقية من السلطان غالب من عرض البحر من الباخرة يقول فيها: " واصل غدا الأحد 17/ 9 الساعة

6 صباحا بطريق البحر جهزوا الضيافة للضيوف".

عرفت الجبهة القومية بتلك البرقية واتصلت بلجنة الطوارئ ومسؤولي الدولة القعيطية، فاجتمعت الجبهة القومية ولجنة الطوارئ فورا، للقيام بترتيبات على ضوء مفاجأة السلطان وتعديل موعد الإعلان من الإثنين إلى يوم الأحد، وبعد المناقشات تم الاتفاق على أن تواجه قيادة الجبهة القومية السلطان على ظهر الباخرة، وتشرح له وقائع استلام الجبهة القومية للسلطة، بدون قتال ولا فوضى، وتطلب منه التوقيع على تسليم السلطة، ويبلغ بخيارين الثالث لهما، إما العودة على نفس الباخرة، أو تفجير الباخرة ومن فيها.

قبيل فجر 17 سبتمبر ظهرت أنوار المكلا كالنجوم، ومع طلوع الشمس ظهرت المكلا تماما، وتوقفت الباخرة وأرسلت أصوات الإنذار إشعارا لمسؤولي الميناء بالطلوع إلى الباخرة.


ولكنا ظللنا في الباخرة منتظرين حوالي ساعتين، لا نرى خلالها إلا مجموعة صيادين في قواربهم الصغيرة، فجأة شاهدنا قاربا بماكينة يتجه مسرعا إلى الباخرة، تبين لنا أنهم عساكر (ملثمون) لا ترى إلا عيونهم، تسلقوا سلم الباخرة وتوزعوا على أركان الباخرة يحملون (رشاشات كلاشينكوف) والمسدسات والقنابل، ووصل بعدهم قارب آخر، فيه رجل مدني صعد إلى سطح الباخرة،

وانفرد بالسلطان القعيطي، وقدم نفسه بهدوء ولطف: سالم علي الكندي مندوب الجبهة القومية، لإعلامكم بأنه تم الاستيلاء على المكلا من الجبهة القومية، وأن القوات المسلحة وجيش البادية والشرطة تحت السيطرة، وكذا إدارة سكرتارية المكلا، والمطلوب منكم الإعلان بتسليم السلطنة، طلب منه السلطان الإذن بالخروج إلى مقره، لأخذ بعض الحاجات الشخصية، فرد عليه الكندي بأن الطلب غير ممكن لسلامتكم الشخصية، وليس هناك وقت للتفاوض، وأمامكم والسلاطين الآخرين إما العودة من حيث قدمتم، أو سنضطر لتفجير الباخرة كاملة! ثم وجه كلامه لكابتن الباخرة معكم نصف ساعة فقط، استمر الحوار بين السلطان والمندوب، السلطان يؤكد رفضه بعدم كتابة التسليم، وأخذ ورقة وكتب في حضوري ورقة فحواها: (نداء إلى شعبي الحضرمي العزيز، أتمنى لكم التوفيق والأمان والاستقرار وعدم اللجوء إلى القتال وسفك الدماء) وأثناء تواجدنا على ظهر الباخرة أخذني أحد الفدائيين فجأة إلى ركن بعيد في الباخرة، وفتح وجهه فعرفته وناديته باسمه بصوت

عالٍ: عبيد! وهو عبدالرحيم عتيق، صديق قديم طمأنني مرحبا وعارضا نزولنا ومعي زميلي حسين بن سميط، والسيد محمد عبدالرحمن السقاف فقط.

خرج عبدالعزيز القعيطي من الباخرة، وهو من أبناء القطن، وحسين بن سميط وهو من أبناء شبام، ومحمد السقاف من أبناء سيئون، بعد السماح لهم من الفدائيين بالخروج من الباخرة، لتعود الباخرة بالسلاطين ومرافقيهم في نفس يوم الوصول الأحد 17 سبتمبر 1967م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى