​طوفان الأقصى.. هجوم حماس يعيد تشكيل أجندة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

> «الأيام» بي بي سي:

>
شنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية (حماس)، صباح السبت 7 من أكتوبر 2023، هجومًا غير مسبوق على إسرائيل جوًا وبحرًا وبرًا، أسفر عن مقتل أكثر من 700 إسرائيلي، وإصابة قرابة 2200 آخرين، فضلًا عن أسر نحو 100 من العسكريين والمدنيين الإسرائيليين ونقلهم إلى غزة. 

وتقول مصادر إسرائيلية رسمية إن القنال مع عناصر فلسطينية مازال مستمرًا في "سبعة إلى ثمانية مناطق" داخل إسرائيل، حتى مساء يوم الأحد. وأمرت إسرائيل بإخلاء مناطق ومستوطنات كاملة على حدود غزة.

ولم يكن الهدف الرئيس من الهجوم الصاروخي للحركة، كما بدا لاحقًا، إلا التغطية على هجوم أوسع وأكثر تعقيدًا، نجح من خلاله نحو ألف مقاتل من مقاتلي حركة حماس، وحركات أخرى متحالفة معها، في اجتياز الحواجز الأمنية إلى داخل الأراضي والمستوطنات الإسرائيلية عبر الجو والبحر والبر، في فشل أمني واستخباراتي واسع لم تشهده إسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973. 

وخلال الساعات الأولى للهجوم سيطر مقاتلو حماس سيطرة كاملة على بلدات ومستوطنات إسرائيلية، كما تمكنوا من اقتحام معبر "إيرتز" شمال غزة، وقتل وأسر عدد كبير من الجنود الإسرائيليين. 

 وردًا على هجوم حماس، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مقطع مصور، أن "إسرائيل في حالة حرب"، وأن "حماس شنت هجومًا قاتلًا مفاجئًا على دولة إسرائيل ومواطنيها"، متوعدًا ما سماه "العدو" بـ "دفع ثمن باهظ غير مسبوق".

وشنت القوات الإسرائيلية غارات جوية وهجمات بالصواريخ على مناطق متفرقة داخل قطاع غزة، في عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "السيوف الحديدية"، ردًا على عملية "طوفان الأقصى"، التي شنتها حماس. 
 وأسفر القصف الإسرائيلي المتواصل عن مقتل قرابة 500 فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، فضلًا عن إصابة نحو 2750 آخرين، طبقًا للمصادر الطبية الفلسطينية. 

ويخشى الفلسطينيون أن يحاول نتنياهو تعويض خسائره العسكرية من خلال استهداف عشوائي لقطاع غزة، يتسبب في سقوط آلاف القتلى المدنيين.

وفي تسجيل صوتي صدر بالتزامن مع بدء الهجوم العسكري، قال قائد كتائب القسام، محمد الضيف، إن هجوم حماس جاء ردًا على "الاعتداءات اليومية على المسجد الأقصى" من قبل الإسرائيليين، مردفًا أنهم "تجرأوا على سب نبينا داخل باحات المسجد الأقصى ومزقوا المصاحف ودخلوا بالكلاب إلى المساجد".

وأشار الضيف إلى ما وصفه بـ "الاعتداءات المتواصلة التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في ظل عربدته وتنكره للقوانين والقرارات الدولية وفي ظل الدعم الأمريكي والغربي والصمت الدولي، قررنا وضع حد لكل ذلك بعون الله ليفهم العدو أنه قد انتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب".

وفي كلمة مصورة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، عقب الهجوم، قال هنية: "حذرناهم وحذرنا كل العالم بأننا لن نسكت عما يجري في القدس والمسجد الأقصى حتى لو صمت الجميع".
وأضاف هنية: "أكثر من 6 آلاف من أسرانا يقبعون في سجون الاحتلال تحت التعذيب والتنكيل".

كما خاطب هنية الدول التي تطبع مع إسرائيل قائلًا: "انظروا إلى هذا الكيان، إنه عاجز عن حماية نفسه، فكيف يحميكم". 

ويرى عسكريون، من خلال تحليل آلية وأسلوب العملية، أن الهجوم الذي شنته حماس تم الإعداد إليه منذ أشهر، وليس وليد اللحظة، وأنه اشتمل على تكتيكات قتالية متقدمة لم تستخدمها الحركة من قبل.

ويضيف أصحاب هذا الرأي أن الهدف من العملية لم يكن، كما يبدو، إسقاط أكبر عدد من القتلى فقط، بل اقتحام مناطق استراتيجية وأخذ أسرى والعودة بهم إلى داخل القطاع، فضلًا عن تصوير الهجوم بكاميرات متقدمة، وبثها إعلاميًا. 
ولم يسقط هذه العدد من القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي منذ حرب عام 1973. 

ويرى الفلسطينيون أن هجوم "طوفان الأقصى" وضع قواعد جديدة لشكل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وخلق ما يسميه قادة حماس "توازن الرعب" بين الطرفين. 

الهجوم الفلسطيني المباغت والواسع وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته في مأزق كبير أمام الرأي العام الإسرائيلي والعالم.
فلم يسبق أن تعرضت إسرائيل إلى هجوم بهذا الشكل وبهذه الكيفية، فكل الحروب التي خاضتها الجيوش العربية ضد إسرائيل جرت على أراضٍ عربية. أما هذه المرة فهاجمت حماس البلدات والمستوطنات الإسرائيلية، أي أراضٍ إسرائيلية، طبقا لـ "التعريف والمفهوم الإسرائيلي".

كذلك لم يسبق لأي فصيل فلسطيني منذ إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 وحتى صباح 7 أكتوبر 2023، أن نجح في تنفيذ هجوم منظم بهذه الكيفية، وقتل هذا العدد من الجنود الإسرائيليين وأخذ أسرى عسكريين بهذا العدد.
وطاف مقاتلو حماس داخل قطاع غزة بعربات عسكرية إسرائيلية حصلوا عليها خلال الهجوم.

وطالما قدم نتنياهو حكومته، أكثر حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل، على أنها الحكومة القادرة على توفير الأمن للإسرائيليين وقمع حركات المقاومة الفلسطينية.
ويرى محللون عسكريون أنه يوجد أمام نتنياهو خيارات صعبة في ظل تمكن مقاتلي حماس من أسر عشرات الإسرائيليين العسكريين والمدنيين، منهم رتب عسكرية كبيرة.

ويريد نتنياهو حفظ ماء وجهه أمام الإسرائيليين والعالم من خلال تنفيذ هجوم واسع النطاق على قطاع غزة. لكن الإشكالية، بالنسبة له، تكمن في ثمن العملية. إذ حذرت حماس إسرائيل من "الإقدام على عمل متهور"، وأن الأسرى الإسرائيليين "موزعون على مناطق عدة آمنة على حدود غزة". وبالتالي، إذا صح حديث حماس، فإن أي اجتياح إسرائيلي للقطاع أو قذف عشوائي، قد يعرض الأسرى الإسرائيليين لخطر الموت.

كما توجد خشية إسرائيلية من التكلفة العسكرية والبشرية التي قد تتكبدها القوات الإسرائيلية في حال دخولها غزة، وما قد يتبعه الدخول من حرب شوارع مع المقاتلين الفلسطينيين.

ويمثل الأسرى وعددهم الكبير ورقة ضغط في يد حماس، ستحاول استخدامها من أجل إجبار نتنياهو أو أي حكومة إسرائيلية مستقبلية على التفاوض وإجراء صفقة تبادل للأسرى بسجناء فلسطينيين، طالما طالبت بها الفصائل الفلسطينية ورفضتها إسرائيل. 
وإدراكًا منه لخطورة الوضع، دعا نتنياهو جميع أطياف المعارضة الإسرائيلية إلى الانخراط في حكومة وحدة.

ودأبت إسرائيل على التباهي باستخدام جيشها تكنولوجيا حربية متقدمة وبقدرات استخباراتية في اختراق وزرع عيون لها داخل صفوف الفصائل الفلسطينية. لكن ما حدث صباح 7 أكتوبر سيطرح الكثير من الأسئلة والشكوك حول القدرات العسكرية الإسرائيلية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى