​قراءة للصراع القادم عقب تشكيل تحالف دولي جديد بشأن اليمن

> «الأيام» بي بي سي:

> ​تصاعدت الأحداث في منطقة البحر الأحمر، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن تشكيل تحالف دولي متعدد الجنسيات لحماية التجارة في المنطقة، وتأكيد جماعة أنصار الله الحوثية على المضي في عملياتها العسكرية تجاه السفن المتجهة نحو إسرائيل.

ومنذ الخامس عشر من نوفمبر، أعلن زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي، أن "عيون الجماعة مفتوحة لرصد أي سفن تعود ملكيتها أو تُشغلها شركات إسرائيلية"، رداً على الحرب في غزة، قبل أن توّسع عملياتها تجاه "كل السفن" المتوجهة لإسرائيل.

فكيف يمكن قراءة موقف الحوثي والولايات المتحدة من خلال هذا التصعيد؟ وإلى أين يتجه؟.

منذ إعلان الحوثيين منع السفن الإسرائيلية من المرور في البحر الأحمر في نوفمبر، هاجم الحوثيون عدة سفن بالقرب من باب المندب، وصادروا سفينة جالاكسي ليدر، التي قالوا إن ملكيتها تعود لرجل أعمال إسرائيلي، ولا تزال السفينة وطاقمها المكون من 25 شخصًا محتجزين في اليمن، كما منعت الجماعة أيضًا سفينتين قالت إنهما إسرائيليتان من المرور وهما نمبر ناين، ويونتي إكسبلورر.

لكن في التاسع من ديسمبر، أعلنت جماعة الحوثي عن تصعيدٍ جديد، بمنع مرور كافة السفن المتجهة إلى إسرائيل، إذا لم يتم إدخال الغذاء والدواء الذي يحتاجه قطاع غزة، وستصبحُ تلك السفن "هدفًا مشروعًا لهم" بحسب بيان للحوثيين.

هذا التصعيد لاقى تنديدًا من الولايات المتحدة ودول غربية عدة، والتي وصفت تلك الأفعال بالقرصنة وبأنها تشكل تهديدًا لأمن الملاحة في تلك المنطقة، فيما اعتبرت إسرائيل أفعال الجماعة بمثابة تهديد لأمن الملاحة على المستوى العالمي، وتوعدت بالرد عليها بقوة في عدة تصريحات رسمية.

ورفض نائب رئيس الهيئة الإعلامية لجماعة أنصار الله الحوثي، نصر الدين عامر خلال حديث لبي بي سي وصف عمليات جماعة الحوثي بــ "القرصنة أو الإرهاب"، ويقول إن هذا التصعيد جاء بمثابة "خطوة شرعية ضمن عملية عسكرية معلنة ومشروعة، من أجل تشكيل ضغط سياسي واستراتيجي وعسكري على إسرائيل لوقف الحرب ورفع الحصار".

ويقول المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية وعضو الحزب الجمهوري حازم الغبرا إن "أفعال الحوثي من احتجاز السفن واستهدافها بمثابة قرصنة وفعل إرهابي"، موضحًا أن "استهداف سفن مدنية هو عمل إرهابي غير مبرر"، ولا يمكن أن يكون جزءًا من أي عمل عسكري أو مقاوم.

ويضيف الغبرا أن جماعة الحوثي "لا تستطيع فعل أي شيء للشعب اليمني الجائع، لذلك تحاول خلق نزاعات جديدة لصرف الأنظار عن فشل الحكومة في اليمن".

لكن في المقابل هناك من يرى أن ما يقوم به الحوثيون يمكن اعتباره "رسالة احتجاج مؤقتة" حول الحرب في غزة، إذ يقول جواد الحمد، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن، إن الحوثيين "نجحوا في تشكيل ضغطٍ دولي"، لكنهم يمكن أن يتسببوا في "نقل الاهتمام العالمي والأزمة إلى مربعات أخرى"، لا يحتملها الصراع الدائر حاليًا بحسب الحمد.

وأوضح مدير مركز الدراسات، أن مضيق باب المندب يقع في "منطقة حرجة جدًا، تصل بين العالم الغربي والشرقي، إذ أنه أصبح المعبر الرئيس للعالم للتجارة والبوارج الحربية ومحطة رئيسية للبواخر الدولية بعد حفر قناة السويس، وله بعد جيوسياسي واستراتيجي".

ومع تكرر عمليات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن خلال زيارته لتل أبيب الإثنين الماضي، عن تشكيل تحالف دولي للتصدي لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر تحت مسمى "المبادرة الأمنية متعددة الجنسيات" يضم عشرة بلدان بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والبحرين.

وجاء في بيان أوستن، أن "البلدان التي تسعى إلى ترسيخ المبدأ الأساسي لحرية الملاحة، يجب عليها أن تتكاتف لمواجهة التحدي الذي تشكله هذه الجهة".

وفور الإعلان الأمريكي، أكد المتحدث باسم جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن محمد عبد السلام عبر منصة إكس، أن تشكيل التحالف يأتي لـ"حماية إسرائيل وعسكرة البحر دون مسوّغ"، مضيفًا أن "من يسعى لتوسيع الصراع عليه تحمل عواقب أفعاله".

وحول دوافع استهداف السفن في البحر الأحمر، يرى المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية وعضو الحزب الجمهوري حازم الغبرا، أن إيران هي من تقف وراء هجمات جماعة الحوثي، واصفاّ ما يجري "بالنهج الإيراني في خلق النزاعات".

وأضاف الغبرا طهران "تمادت بشكل لم يعد مقبولًا وهي تشكل تهديدًا ملموسًا" عبر ما سمّاها بـ"الأذرع الإرهابية التي تمولها".

من جهته يقول أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشأن الايراني حكم أمهز إن إيران لا تفرض على حلفائها في "محور المقاومة" بما فيهم اليمنيين، ما يجب فعله، لكنها تبقى داعمة لكل حلفائها، ويضيف أن الولايات المتحدة أرسلت عدة رسائل عبر دول وسيطة إلى إيران بشأن العمليات الأخيرة في البحر الأحمر، لكن طهران كانت تصرّ على أن القرار يعود لليمنيين وحدهم.

ويرفض أمهز الاتهامات الموجهة لطهران بشأن زعزعة أمن واستقرار المنطقة، متهمًا وجود الولايات المتحدة بحد ذاته بمثابة التدخل "السافر" وبأنه يشكّل تهديدًا لدول المنطقة، ويقول :" الإيرانيون يعتبرون أن هذه المنطقة هي لأهلها ودولها ومن ضمنهم إيران والسعودية وغيرها وهي التي تقرر أمن المنطقة وحفظ الملاحة فيها".

كما يتهم أمهز تشكيل التحالف الدولي بأنه يحمي المصالح الإسرائيلية فقط، نافيا أن يكون من شأنه حماية التجارة الدولية، ذلك أن اليمنيين أكدوا أنهم لا يستهدفون إلا السفن المتجهة لإسرائيل.

فيما يعتبر الغبرا أن الولايات المتحدة موجودة في مياه دولية وإقليمية بحسب الاتفاقيات مع بعض الدول، من أجل ضمان أمن الممرات المائية، إلى جانب منع إيران من القيام بأي أعمال عدائية تجاه إسرائيل، وضمان حركة شحن آمنة ومستقرة تؤمن مصالحها التجارية.

لكن الخبير العسكري هشام خريسات، يقول إن هناك "مخاوف أمريكية من الاصطدام مع الإيرانيين"، إذ أن الولايات المتحدة تتجنب الانجرار لحرب مع طهران، حتى بعد أن أرسلت غواصات وسفن إلى منطقة الخليج والتي كانت قادرة لوحدها أن ترد على هجمات الحوثيين، لكن "واشنطن تتفادى الرد المباشر وتسعى لتشكيل تحالف مع عدة دول للتعامل للتهديدات في البحر الأحمر تجنبًا لإيران".

أما مدير مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد، فاعتبر أن كثيرًا من الدول لديها تخوفات من وجود سفن وبواخر أمريكية وأوروبية في منطقة البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة، خاصة وأن الكثير من الدول العربية تطل على المنطقة.

التحالف الدولي المُعلن عنه حديثًا ليس الأول من نوعه الذي يواجهه الحوثيون، إذ تم في عام 2019 الإعلان عن إنشاء تحالف دولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية، والذي يضم كل من البحرين وألبانيا والكويت وقطر والسعودية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا و الإمارات العربية المتحدة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى