​التحالف من شريك إلى وسيط.. والحلول التكتيكية الملغّمة

>
في ظل الظروف الحالية التي طغى عليها الحديث عن قرب إيقاف الحرب وبدء مسار السلام والتسوية، ومع ما يشوب كل ذلك من غموض كبير ومقلق، حملته معها بنود مشروع المسودة / الخارطة المعلنة، ولعدم وضوح الصورة النهائية التي ستؤول إليها من نتائج، وهي الصيغة التي لا تتناسب وواقع الحال، وحجم كارثة الحرب ومتطلبات عملية تحقيق السلام المعقدة، وتعدد أطرافها داخليًا وخارجيًا، والتي افتقدت للعمق المطلوب، وللموقف الشامل القابل للحل والتطبيق، وجعل كل ذلك في علم (الغيب) أو في الجدول (السري) لمن صاغوا مشروع هذه (الوثيقة) ولأسباب ودوافع وأهداف تخصهم، رغم تقديمها للأمم المتحدة (لشرعنتها) ولتحمل (بصمتها) ورعايتها عند التنفيذ.

فإننا ندعو هنا إلى ضرورة الوقوف الجدي عند مضامينها، التي يراد لها أن تكون أساسًا (للحل والتسوية)، وهي التي لم يشارك الجنوب في صياغتها، فالمجلس الانتقالي الجنوبي -حسب تصريحات له بهذا الشأن- لم يكن حاضرًا ولا مشاركًا في ذلك.

ونعتقد بأن انعقاد مجلس العموم بصفته أعلى سلطة، وأوسع هيئة للانتقالي في الثاني من يناير القادم، سيكون الإطار المناسب لاتخاذ القرارات الوطنية المناسبة، التي تتعلق بالموقف من العملية السياسية الراهنة، وبكل ما يتعلق بمصير قضية الجنوب ومستقبل حلها، وهي فرصة مناسبة له أيضًا، لأن يجدد التأكيد -في ضوء ما سيتخذ من قرارات وتدابير- على ثوابت شعبنا الوطنية، من خلال الحديث المعمق مع الأشقاء ومع الدول الراعية كذلك، وبصوت قوي مسموع وحازم وأكثر من أي وقت مضى؛ لأن الخطر بات واضحًا على قضية الجنوب، وعلى قاعدة الحق والمنطق والوضوح والمصارحة.

وليسمع ويعرف أيضًا كل من لا يرغب بسماع صوت الجنوب، بأن الشعب هو سيد موقفه وقراره، وبأن تضحياته العظيمة والمتعددة الصور والأشكال، وكل صبره الطويل وغير المسبوق على معاناته وآلامه، لن تذهب أدراج الرياح، ولن يدفعها ثمنًا للتسوية بين الأطراف الأخرى.

وأن يفهم ذلك أيضًا أولئك الذين لا يعطون وزنًا لقضيته الوطنية، أملًا بأن يعيدوا حساباتهم. ولعل الأشقاء تحديدًا سينصتون هذه المرة ويتفهمون ويتعاطون إيجابًا، بالنظر لظروف اللحظة الراهنة التي تعيشها المنطقة، جراء حرب الإبادة التي تقوم بها عصابات الكيان الصهيوني على غزة وعلى الشعب الفلسطيني، بهدف تصفية قضيته ولتداعياتها الخطيرة الماثلة اليوم، والمحتملة في قادم الأيام، وخطرها وتأثيرها الأكبر عليهم أولًا، وعلى الجميع دون استثناء وبدرجات متفاوتة، وليست كما كانت في فترة إعدادهم لمثل هذه (الطبخة السياسية) وخروجهم بهذه المسودة / الخارطة المهرولة والمستعجلة على (الحل) وبأي صورة كانت، حتى ولو كان الفشل المؤكد هو ما ينتظرها.

فرسالة شعب الجنوب الوطنية واضحة وجلية ومنذ غزو الجنوب واجتياحه عام 94م، وإسقاط مشروع الوحدة الطوعية والسلمية بالحرب، ولذلك فإن على كل من يبحث عن السلام والاستقرار، ويحرص وبجدية كاملة وبنظرة مسؤولة وواقعية، فإن عليه أن يدرك بأن الحلول الممكنة لن تأتي عن طريق  الهروب إلى الأمام، وأن يتخلى نهائيًا عن الطابع التكتيكي المؤقت لها.

فمثل هذه الحلول لن تصمد أمام تعقيدات الأوضاع وجوهرها، وفي المقدمة منها وعلى رأسها قضية شعب الجنوب الوطنية، التي يعرفونها جيدًا، ولذلك فإن المصالح المشتركة راهنًا ومستقبلًا، تفرض عليهم واجب الإصغاء جيدًا لصوت شعبنا الذي لن يقبل بأي صيغة تفرض عليه باسم (السلام)، وهو الذي يتوق إليه أكثر من غيره، ولكن ليس على حساب حريته وقضيته الوطنية المشروعة، ولن يساوم على تاريخه ولا على حاضره ومستقبل أجياله القادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى