التسوية

> كُلّ الناس تُحبُّ "التسوية"، لكن تسوية عن تسوية تختلف.. هذا الشعب تم التسوية بهِ منذ أكثر من ثماني سنوات. عُملته الوطنية تم مسحها بالقاع، اقتصاده طُرِحَ أرضًا، موارده ضاعت وسط الرمال، الخدمات التي حَلُمَ بها تلاشت في الحصى.كل شيء تم التسوية به، والتضحية أيضًا، فماذا عساها تفعل تسوية هانس جروند برج الأخيرة؟
نحن نقدِّر الدور الخليجي في اليمن، وجهود الوساطة التي تبذلها الرياض ومسقط، ومساعي المبعوث الأُممي للوصول الى خريطة طريق للسلام، لكن نخشى أن يذهب كل شيءٍ سُدى، وأن تصير التسوية الى مزيد من الأزمات.أما الحكومة الشرعية فسيكون على عاتقها مسئولية انجاز الاتفاق، وأنْ لا تنسف ما بقي من رَمَق المواطن من المسافة صفر.

بينما ينتظر  الشعب من خارطة الطريق إجراءات تحسين المعيشة، ولا أظنُّ المواطن يأبه للعملية السياسية، لقد شُغِلَ بمعيشته، وقوت يومه، ومصاريف عياله.

هو يرى إن أجمل ما في البيان " إجراءات تحسين المعيشة.

إنّها خريطة الطريق تُمنّي المواطن بعيشٍ كريم من قبيل.. "دفع رواتب، استئناف صادرات النفط، فتح الطرقات، تحرير مطار صنعاء وميناء الحديدة من القيود".

لكن كيف تلقّى الطرفان المتنازعان البيان؟

أما الشرعية فرحّبت وأما الحوثي فقال عن خريطة الطريق.. "شيءٌ من الخيال"، وصَمَتَ حيالها أيضًا.. وقد قيل في الحِكمة الشعبية "الصمت علامة الرضى".

لكن أي تسوية ننتظر؟

 لقد صار الشعب يخشى من التسويات، فقد سوّيَ به ونُغِّص على حياته، فهل من تسوية ترفع من شأنه، وتنهض به من القاع وسوء البقاع؟

أما المجلس الانتقالي الجنوبي فقد رحّب لكنه قال.." لابدّ من استكمال المشاورات مع جميع الأطراف الفاعلة، لضمان تحقيق عملية سياسية شاملة وناجحة".

كان ردّ الانتقالي على صيغة البيان مرحِّبًا، لكنهُ قدّم أيضًا صيغة ديبلوماسية أراد من خلالها إيصال رسالته بـ"تضمين القضية الجنوبية في المسار التفاوضي الذي سترعاه الأُمم المتحدة".

سيكتشف الإقليم والعالم أن "القضية الجنوبية" هي مفتاح حل الأزمات، وأن الجنوب هو المكان الذي يطمئن الناس اليه، ويأمنون جانبه، وأن عدن ليست صنعاء، وأنه لا هانس جروندبرج، ولا مسقط ولا الرياض، ولا حتى الشرعية سيشككون في موقف الانتقالي لأنه دعاهم بصدق ووضوح أنْ:"اجعلوا لقضية الجنوب مكانًا يليق بها في المسار التفاوضي".

فإنْ فعل القوم بالنصيحة فقد أحسنوا، وإنْ لم يفعلوا فقد أعدّ الجنوب لنفسه حلولًا قد لا يرتضيها الجاحدون، ولا يحبُّها الأنانيون، فقد قرأ الجنوب حِكمة ماركوس أويليوس جيدًا حين قال:" سأقابل  اليوم أشخاصًا يتكلّمون كثيرًا، أشخاصًا أنانيّين جاحدين، يحبُّون أنفسهم، لكن لن أكون مندهشًا أو منزعجًا من ذلك، لأنني لا أتخيلُ العالم من دون أمثالهم".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى