صحيفة إسرائيلية: بدخول الحرب شهرها الرابع: فشلنا.. وسنضطر لتأجيل حسابنا مع حماس

> «الأيام» القدس العربي:

> كل مرة أواسي فيها أصدقاء على فقدان قريب في الحرب أعانقهم بقوة، في محاولة لحمل أساهم لعله يخفف عنهم. هذه محاولة فاشلة، بالطبع: فالحزن ثابت. بعد ذلك، أخرج وأبحث عن حائط لأضربه. لماذا ينبغي لهذا أن يحصل، أسأل الحائط. لماذا ينبغي لهذا أن يحصل أصلاً. ولماذا، بعد ثلاثة أشهر من نذر الموت المتقطرة على رؤوسنا يومياً، مثل عذابات سيناء، وكل ما يعدوننا به هو المزيد من الحرب.

 أمس، كان يوماً صعباً على الجيش الإسرائيلي في غزة. القلب مع الشهداء وعائلاتهم. الثمن باهظ. السؤال: إلى أين نسير.

 بالنسبة لي، إسرائيل هي المجتمع الأكثر جاذبية في العالم: حيوي، مبادر، نشط، متنوع، إبداعي، وطني، سخي. فيه كثير من العلل، لكن كلاً منها منفتحة على التغيير، أو على الأقل، على الكفاح في سبيل التغيير. ما كنت أريد أن أحيا بمجتمع آخر، مرتاح أكثر.

الإسرائيليون شعب يحب الحل.. أما حكومتهم فقصة أخرى

 في 7 أكتوبر وقعت إسرائيل في حفرة عميقة. لا مقدار للفقدان والضر والثمن الذي جباه ذاك اليوم إياه وسيجبيه منا، في المديين القصير والبعيد. منذ ذاك اليوم ونحن واقفون في أسفل الحفرة، ونسأل الكثير: كم وقعنا، لماذا وقعنا؟ أين هو العدو الذي أوقعنا وكيف سنبيده، حتى آخر مخربيه؟ أسئلة مهمة، وجيهة، لكنها تدفعنا لدحر السؤال المهم جانباً: كيف الخروج من الحفرة؟

 الخروج من الحفرة معناه إعادة المخطوفين، وترميم البلدات التي دمرت، وإعادة إحساس بالأمن لدى السكان في الجنوب والشمال، وتسريح رجال الاحتياط إلى بيوتهم ومحاولة إنهاء الحرب.

 ليس تحدياً بسيطاً؛ فهذا يتطلب حيوية ومبادرة وتفكيراً من خارج الصندوق، وأساساً الشجاعة، والمزايا التي لدى إسرائيليين من كل أطراف الطيف. لكن كل ذلك غير موجود في الحكومة بتركيبتها الحالية.

 دنيس هيلي كان وزير الدفاع في بريطانيا في الستينيات من القرن الماضي. منح العالم مشورة قصيرة وصائبة لإدارة الأزمات: “عندما تكون في حفرة كف عن الحفر”. من الخسارة أن المؤتمنين على إدارة الحرب في إسرائيل لا يستمعون لدنيس هيلي.

 منذ ثلاثة أشهر ونحن نسمع بشائر عن إبادة حماس، هزيمة حماس، تصفية حماس. لشدة الأسف، أقوال لا تعكس الواقع. من ناحية عسكرية صرفة، هناك إنجازات مبهرة في التنسيق بين الأذرع واستخدام القوة، لكن المسافة واسعة بينها وبين إبادة حماس.

 لقد خلق نتنياهو توقعات لا سبيل لتحقيقها، وبهذا فرض علينا حرباً لا نهاية لها.

 وحتى الهدف الأكثر تواضعاً، تفكيك حماس، يتطلب تكييفاً للتوقعات. كل نفق ينكشف ويفجر في قطاع غزة يعدّ بشرى طيبة، لكن تفجير نفق لا يبيد عموم قدرات حماس العسكرية والسلطوية. كان يكفي تطهير غزة وبناتها وقاطع على طول الحدود.

 لم تغير الحرب الواقع في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، إنما كلفت حياة المقاتلين، وزادت خطر الكارثة الإنسانية التي ستكون إسرائيل مسؤولة عنها، وأضرت إسرائيل في العالم ولم تقربنا من النصر الذي هو أصلاً غير موجود. حتى لو صفي السنوار أو ضيف أو كلاهما معاً، فلن تتغير نتائج الحرب. ثمة بدائل لهما.

 إن تداعيات ضربة 7 أكتوبر، تتطلب تفكيراً متجدداً ليس لحماس و”حزب الله” والسلطة الفلسطينية فحسب، بل لإيران أيضاً. هناك، في إيران، يبدأ الإخفاق العظيم. من شريك في صفقات سرية، حتى في عصر آية الله، تحولت إيران إلى عدو عديد الأذرع وإلى تهديد وجودي. تعرف إسرائيل كيف تلذع الإيرانيين في عمليات سرية. هذه العمليات لا تبطئ تقدم إيران إلى القنبلة ولا تمنعها من ضربنا بواسطة وكلائها من البحر الأحمر حتى المطلة. لعل الوقت حان للاعتراف بالفشل.

 الصفقة التي يمكن لحماس أن تقترحها صعبة جداً على الهضم. ليس الجميع مقابل الجميع، بل الجميع مقابل حماس. بكلمات أخرى، الشرط الذي يطرحه السنوار لتحرير المخطوفين لا يقتصر على وقف تام للحرب وتحرير آلاف المخربين من السجن، بل أيضاً استمرار حكمه في قطاع غزة. وإسرائيل ترى في ذلك هزيمة مهينة، مطلقة. ليس سوى زعيم إرهاب واثق جداً بقوته أو مجنون تماماً، يمكنه طرح مثل هذا الشرط.

 هذا رهيب؟ نعم، هذا رهيب. هل صحيح قبول هذا؟ ربما نعم، لأن للفشل ثمناً؛ لأن موت المخطوفين في أسر حماس سيكون وصمة لا تمحى عن جبين المجتمع الإسرائيلي ووحدة صفوفه؛ لأننا لسنا جاهزين في هذه اللحظة لفتح جبهة في الشمال؛ لأننا متعلقون بأمريكا. سنضطر لتأجل حسابنا مع حماس في اللحظة التي يخرق فيها السنوار الاتفاق الذي سيتحقق. ونأمل أن يكون الجيش الإسرائيلي مستعداً في المرة المقبلة.

ناحوم برنياع

يديعوت أحرونوت

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى