ديناميكيات معقدة تحيط بالبحرية الأمريكية في البحر الأحمر

> "الأيام" العرب:

> ​في خطوة إستراتيجية تهدف إلى ضمان الأمن البحري والاستقرار في منطقة البحر الأحمر، أنشأت الولايات المتحدة فرقة عمل مخصصة لمواجهة نفوذ الحوثيين، لكن ديناميكيات معقدة تحيط بعمل الفرقة وربما تعطل مهامها.

ويعد إنشاء فرقة العمل هذه مؤشرا واضحا على القلق المتزايد بشأن تصاعد الأعمال العدائية والمخاطر المحتملة التي تشكلها الجماعات المدعومة إيرانيا في هذا الممر المائي الحيوي.

ولطالما كان البحر الأحمر ذا أهمية إستراتيجية للتجارة والأمن العالميين، فالطريق البحري الذي يربط بين المحيط الهندي والبحر المتوسط مهم للغاية.

وأثارت التطورات الجيوسياسية الأخيرة مخاوف بشأن نفوذ الميليشيات المدعومة من إيران، والتي ارتبطت بعدة أنشطة تهدد أمن واستقرار المنطقة.

ويقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط حمدالله جولزار في تقرير نشره موقع مودرن بوليسي إن العوامل الإستراتيجية والجيوسياسية والأمنية اجتمعت معا للتأثير على قرار الولايات المتحدة إرسال قوة عمل بحرية خاصة إلى البحر الأحمر.

وأصبح أمن هذا الممر المائي الحيوي تحت المجهر بسبب التصرفات الأخيرة التي قامت بها ميليشيا الحوثي في اليمن، والتي تدعمها إيران، ما دفع الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات وقائية بعد أن أصبح استقرار المنطقة والشحن الدولي مهددين بشكل مباشر من خلال الأعمال التخريبية التي تقوم بها ميليشيا الحوثي، والتي تشمل هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ والقذائف.

ومن خلال تشكيل فرقة عمل مخصصة، تهدف الولايات المتحدة إلى تعزيز قدرتها على مراقبة هذه التهديدات وردعها والرد عليها، وضمان حرية الملاحة وحماية مصالح المجتمع الدولي في البحر الأحمر.

وعلاوة على ذلك، فإن التحرك الأميركي يندرج في الإطار الأكبر للحفاظ على الأمن الإقليمي وموازنة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

ويُظهر إنشاء قوة مهام بحرية التزام الولايات المتحدة باحتواء القوى المزعزعة للاستقرار ووقف نمو الميليشيات المدعومة من إيران.

وتهدف فرقة العمل إلى الحفاظ على وجود أميركي قوي في منطقة ترتفع فيها التوترات الجيوسياسية، بالإضافة إلى كونها رد فعل على التهديدات المباشرة.

وتسبب تشكيل قوة عمل بحرية أميركية جديدة لمواجهة التهديد الذي تشكله ميليشيا الحوثي اليمنية في البحر الأحمر، كما أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في حدوث هزات دبلوماسية وجيوسياسية في المنطقة.

ويرى جولزار أن الافتقار إلى المشاركة الإقليمية الكبيرة وتردد الجهات الفاعلة المهمة يسلطان الضوء على ديناميكيات القوة غير المستقرة والعوامل السياسية المؤثرة.

وعلى الرغم من الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر بالنسبة للتجارة العالمية، يبدو أن العديد من الدول العربية مترددة في الانضمام إلى الولايات المتحدة في هذا المشروع العسكري.

وقد ساهم الدعم العلني لتصرفات إسرائيل في قطاع غزة في إثارة انزعاج واضح بين الدول العربية، التي تخشى الارتباط بمبادرة تقودها الولايات المتحدة وسط غضب واسع النطاق بشأن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وفي أعقاب الصراع بين إسرائيل وغزة، امتنعت العديد من الدول العربية بشكل ملحوظ عن دعم إنشاء قوة عمل بحرية أميركية خاصة في البحر الأحمر.

ويفسر هذا التردد بالتصور بأن الولايات المتحدة دعمت إسرائيل في حرب غزة، الأمر الذي أدى إلى تأجيج العداء بين الشعب العربي.

وتواجه الدول العربية موقفا دبلوماسيا حرجا نتيجة لدعم الولايات المتحدة الصريح والمستمر للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.

وتريد هذه الدول العربية تجنب الارتباط بمسعى عسكري تشارك فيه الولايات المتحدة، وهي حليف حاسم، ويظهر هذا القلق الآن في نقص الدعم للمبادرة التي تقودها الولايات المتحدة لمواجهة تهديد ميليشيا الحوثي في البحر الأحمر.

وجعل المشهد الجيوسياسي المعقد، والذي تفاقم بسبب التوترات طويلة الأمد في المنطقة، من الصعب على الدول العربية التعاون بشكل علني مع الولايات المتحدة في هذا المسعى الأمني.

وتجد الدول العربية، التي تعتمد بشكل كبير على طرق التجارة عبر البحر الأحمر، نفسها عالقة بين ضرورة تأمين التجارة البحرية والضرورة السياسية للنأي بنفسها عن المبادرات الأميركية التي قد ينظر إليها مواطنوها بشكل سلبي.

ويسلط هذا الحبل الدبلوماسي المشدود الضوء على التوازن المعقد الذي يجب على الدول العربية أن تسلكه لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية دون المساس بمكانتها السياسية المحلية والإقليمية.

ويشير هذا التردد الإقليمي إلى الموازنة الدقيقة التي يتعين على الدول العربية تنفيذها بين الحاجة إلى حماية التجارة البحرية والضرورة السياسية لتجنب التوافق المباشر مع المبادرات الأميركية التي ينظر إليها مواطنوها بشكل سلبي.

وسيعتمد نجاح وفعالية فرقة العمل البحرية الأميركية في البحر الأحمر على التفاعل المعقد للجهود الدبلوماسية والتعاون الإقليمي في معالجة التحديات المختلفة التي تفرضها الميليشيات المدعومة من إيران والدفاع عن مصالح المجتمع الدولي مع استمرار الديناميكيات الجيوسياسية.

وتعتبر إيران المعارض الأكثر صراحة للمبادرة الأميركية ، وهي داعم رئيسي لميليشيا الحوثي. وعلى الرغم من أن إيران تندد علنا بأي مشاركة للتحالف باعتبارها “مشاركة مباشرة في جرائم الكيان الصهيوني”، إلا أنها تتعامل بحذر من خلال التقليل من تورطها الفعلي في هجمات الحوثيين ضد إسرائيل أو الشحن في البحر الأحمر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى