الدُّنيا بخير

> رغم سوء المعيشة والغلاء الفاحش وتدهور العملة المحلية، لكن الشعب يتعاضد، ويتمسّك بخلُق الرحمة، ويتعاون على الخير.

يقف صاحب سيارة عند مطب يقف عنده طفل يبيع ماءً باردًا فيسلِّم عليه ويشتري منه قنينة ماء ثم يناوله 500 ريال ويترك الباقي للطفل وينصرف بسيارته.

في خط الجسر رأيتُ سائق سيارة يقف قريبًا من نقطة تفتيش، وقفت طفلة تحييه عند باب السيارة، وتسألهُ " وينك يا عمو"، وكأنها تعرفه من قبل، فحيّاها واشترى منها قرطاسين مناديل" سوفتلي" وناولها مبلغًا من المال، أخذته وذهبت تعدّه بغبطة ونحن في الباص الصغير المجاور ننظر للمشهد المؤثر ونفرح لفرحها..

لسان حالها يقول:

طفحَ السرورُ عليّا حتى إنني

منْ عظمِ ما قد سَرّني أبكاني

في بيوت الله وبسبب انتشار الفقر، يكثر السائلين من الرجال والنساء، فلا يخذلهم الناس، بل يجدون من يمدُّ لهم يد العون، ولو بقليلٍ من المال، فالفقير يفرح بالقليل ولو كان 100 ريال،

لأن الدُّنيا بخير.

تركب النساء في باصات الأُجرة وهنّ أخواتنا وبناتنا وأمهاتنا بكل أمان، ويفسح لهن الركّاب ويلقين أحسن معاملة من الراكبين، فتجلس المرأة بجانب المرأة، ويترك كثيرًا من الرجال مقاعدهم لتجلس عليه الراكبات، ولا تسمع في وسيلة المواصلات إلّا الكلمة الطيبة ولا ترى إلّا المعاملة الحَسَنَة، لأن الدُّنيا بخير.

وناس يملكون كنز القناعة، ويرون في القِلَّة السلامة، ويحسّون بالراحة العاجلة مع الزّهد، حتى أن أحدهم قال:

ماءٌ وخبزٌ وظلُّ

ذاكَ النعيمُ الأجلُّ

كفرتُ نعمة ربِّي

إنْ قلتُ إنّي مُقلُّ

يسعدون ويشكرون أكثر من الأغنياء والمترفين.

يتمنى كثير من أهل السلطة والمال أن ينالوا قليلًا من فرح البسطاء، ويحسّون بلذّة العيش كما يعيش أولئك العاملون والمزارعون وأصحاب الحِرَف في المدن والأرياف، وهم ينطلقون في الصباح الباكر إلى أماكن عملهم، يغرّدون كالعصافير بقلوبٍ منشرحة، ونفوس راضية.

صباح الخير يا عدن.. يا أُم المساكين، يا بلاد الطيبين.

قيل عن مفتاح السعادة: "أنك إذا عرفت الله وسبّحته وعبدته وتألّهته وأنت في كوخ، وجدت الخير والسعادة والراحة والهدوء.

ولكن عند الانحراف، فلو سكنتَ أرقى القصور، وأوسع الدور، وعندك كلُّ ما تشتهي، فاعلم أنّها نهايتُك المُرّة، وتعاستك المحققة، لأنك ما ملكت إلى الآن مفتاح السعادة.." ((وآتيناهُ من الكنوزِ ما إنَّ مفاتِحَه لتنوء بالعُصبةِ أُولي القُوَّة)).

الدُّنيا بخير، وفي عدن بألف خير.

سنرى في رمضان أبناء المدينة يحملون التمر والماء والعصائر في وقت الفطور عند الجولات والتقاطعات ومحطات وقوف المسافرين، يقدّمون الفطور للماشي والراكب مع أجواء عدن الرمضانية المُبهجة.

رأينا ماء السبيل البارد في كل مكان، برّادات وتراميس ماء، كل الناس تشرب البارد والحمد لله، لأن عدن مدينة الخير تسقي العِطاش، وتَهِبُ الضمآن رِيًّا يكفيه.

للّه درّكم يا أبناء عدن حين تباشرون الناس بالفطور وأنتم صائمون:

مُثُلٌ كالنُّجُومِ بل هي أعلى

ومَعَانٍ كالفجْرِ في إشراقِهِ

الدُّنيا بخير، وعدن بألف خير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى