حروب الماء

> انتبَه الناس مؤخرًا لقصّة البحر، أما دروس الجغرافيا في المدرسة، وخريطة الوطن كانت مجرد مقرر دراسي.

لم يكن أحد يعلم أن البحر الأحمر الذي رأيناه في الخريطة، سوف يشغل العالم بهذه الصورة المذهلة، وأنّهُ طريق الماء التي تمدُّ الدول بأنواع المصالح وسلاسل الغذاء.

رأينا قيمة هذا البحر الذي تتهافت إليه الأُمم، وأنه كان فيما مضى طريق الأمان، لكن لم يأبه لهُ للعالم كما يفعل الآن.

عَرفَ الناس حروب البر وخبروها، لكن لم يكن بالحسبان أن يأتي زمن تشتعل فيه حروب البحر، وأن عاقبة هذا النوع من الحروب تطال مصالح الناس والدول، فالطعام والشراب والدواء والكساء وكل ما يحتاجه الناس من أدوات ومعدات وأجهزة وصنوف المواد إنما تأتي عبر طريق البحر.

ليت أن معلِّم الجغرافيا في المدرسة كان مُلهَمًا فيشرح لتلاميذه قيمة البحر الذي يتكون من هذا الكم الهائل من الماء المائع، الذي تسير على ظهره السُّفن العظيمة والبواخر الضخمة والمراكب الكبيرة، فلا تغرق رغم ليونته وميوعته، مع الحِمْل الثقيل الذي يُقدّر بآلاف الأطنان في آية كونية عجيبة.

حُكي عن أمريكا أنها جاءت لمداعبة جماعة الحوثي في البحر، وأن زعيم الجماعة قال عن الضربات التي تتعرض لها مواقع المليشيا مجرد تسلية لاتضرُّ بقدرات الجماعة، فَلِمَ يحشد الغربُ إذن؟!

هذه الحاويات التي تمخر بها السُّفن عُباب البحر بين الأقطار صورة في قمّة الجمال والروعة، لا شيء غير أنّا أمام لوحة مُبهرة. إنها المراكب التي تحمل مصالح الناس ومعايشهم، إنّهُ البحر يا معلِّم الجغرافيا.

وبحرنا الأحمر ذو القيمة الاستراتيجية طريق الثراء والغِنى والرفاهية، ونحن الشعب الفقير الكادح الذي يحصل بالكاد على قوت يومه.

أين الحكومات التي تحمي بحارنا؟ أين جيوشنا وأسلحتنا، حتى يَقْدِم الغرب بترسانته ويقول إنّه الحامي وحارس الازدهار، وهل جيوشنا تعمل بلا حِراسة، أم لنا التخلُّف ولهم الازدهار؟!

ربما كثير من قادتنا ومسؤولينا المدنيين والعسكريين كانوا لا يحبّون دروس الجغرافيا، ولا يحفظون الخريطة وحدود الوطن، فنسوا البحر وقيمة الماء، وكرّس نظام صنعاء في زمن حكم صالح رحلة الضياع هذه بهدم التعليم، بينما كان الناس قد شَهِدوا في زمن دولة الجنوب حكومات تقبض على المنافذ والمداخل وتحفظ الحدود وتسيطر على البحر، وتستحوذ على الماء، وترسم خريطة الوطن في أرواح الجُند الميامين.

لذا نقول لمعسكر الشرعية في زمن الصراع وحروب الماء:

ندمْتَ على أنْ لا تكون كمثْلِهِ

وأنَّكَ لمْ تُرصِدْ لما كانَ أرَصَدا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى