إلى أبي في ذكرى استشهادك

> اعتدال طالب السقاف:

> حين تحزن أو تبكي أوتفرح، فتلك علامة الوفاء. الوفاء للأوفياء.

أبي يتذكّر، ويحفظ للذكرى ذكراها، تمرّ القوافل على طريق الحياة فتبدّل الأيّام أسماءها، وأبي لا يتبدّل. هو مثلما كان. يحمل صمتهُ وحكمتهُ. وإلى هفوةٍ أو جفوة قلّما يلتفت.

ارتديتُ قلبي عندما ناديتني، يا أبي، لأكون معك هذا المساء.حملتُ هواجسي في يدي ومشيتُ كي أصِلَ إليك.

من وقفتي هنا، أراك تغمرني بنظرتك الهادئة، لا لشيء إلاّ لأنك تعرفني منذ ولادتي وأعرفك منذ بدأتُ أحبو باتجاه حضنك. وكم كابدتُ لأجدَ لي مكانًا فيه. فكنتَ كما أريدُ أن أكون. كنتَ وحيدًا في زحامك ومزدحمًا في وحدتك، وحين صار في وسعك امتلاك لحظات السعادة معنا في الحاضر وأن تضع ذكريات الماضي على مائدة الحاضر، تابعتَ الإصغاءَ المرهفَ بخشوعٍ إلى موسيقى الحياة، وعشت ببساطةِ القديسين، قنوعًا بحصتك من الماء والهواء والضوء وتبدّل الفصول. ولكن ليس من شيم هذه البلاد أن ترحم أبناءها ليكونوا طموحين وليس من شيمها أيضًا أن تأذن لهم بالاحتفال بما تَبَقّى لهم من عُمر.

نحن معك هذا المساء في ذكرى اغتيالك، على لون غسقها المدمّى بفاجعتها، باليقين والشك معًا في جدليّة التوتّر الوجودي لاستباحة طُهرِكَ ونُبلِكَ بطريقةٍ وحيدةٍ هي كانت البقاء والدفاع عن حق الانسان في الحياة.

فطوبى لك يا أبي الذي سيّجتَ تلك الحيرة بزهرة الياسمين، فاذهب إلى ما تريد أن تكون.

لقد تصفحَ الكلُّ مقام سيرتك العطرة كريشة عود قمنداني، حطّت على وتر واستحالت فرحًا صوفيًا.

أنغام استشهادك في ذكراها الليلة ستضيء جنبات بيتنا المكللِ بالندى والطُّهر، نفرشُ لها الهَدَبَ حتى تنامَ على رهافةِ لحنها.

كان العبثُ انتهاكًا لقدسية الحياة كي نكون يومها ضيوفًا لمهرجان الدم والجنون.

فطوبى لك موكب النور الذي صعدتَ فيه إلى السماء على نغمة مقام النهاوند كما كان يقيننا. وليس على صوت الرصاص الغادر كما ظنها المجرمون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى