القطيعة

> تشبه القُطّاع، بل هم الفاعلون الرسميون، كانوا حكّامًا أو محكومين، هي القطيعة تُمزِّق اللُحمة، وتقطّع الأوصال، وتباعد الأسفار، وتفرِّق بين الأهل والديار.

صارت الأزمة السياسية حربًا ظروسًا، ونفخت القطيعة في نار الفتنة، وكلٍّ لوى عنقه وصعّر خدّه عن صاحبه، وتمترسوا بالضغينة في الصدور والبنادق في الأيدي، حتى صار القتل أمرًا مفعولًا، وكأنه واجبٌ وجهاد، بينما يهلك الناس وتضيق بهم السُبُل وتفسد معايشهم، فيدهمهم الخوف، ويعوزون للاستقرار، ويحلمون بالسلام.

حرب هذا البلد قطعت الطريق، والخدمة، والراتب، والموارد، وانتقلت من البر الى البحر، فهجمت على طريق الملاحة والتجارة، حتى استنفرت العالم، واستفزت الدول، وسمع الناس عن صواريخ تخترق الفضاء، ومسيّرات وطائرات تشق الأجواء.

الحرب في هذا البلد قطعت الطريق، وقبلها قطعت الصِلات والعلائق بين الناس، لأن المتصارعون على المال والسلطة، عجزوا عن إدارة الصراع، إلّا ما كان فيه ضررًا بحياة الناس ومعيشتهم، بينما ينجون غالبًا ولا يمسّهم السوء، ويسافرون بين العواصم، ويتركون الألم والعذاب للمواطن.

مضت تسع سنوات من الحرب بين الحوثي والشرعية، وما زال قُطّاع الصِلات بين الناس يخوضون ويزيدون في الفُرقة ويمنعون اللقاء والتقارب، ويصدّون عن الحوار.

كان قطع الطريق مصيبة على الناس، طالت الأسفار، وصار التنقُّل شاقًّا بين المناطق، واضطرت السيارات للحركة في طرق بديلة وعرة وملتوية، رأينا مشاهد مؤلمة وحزينة لسقوط سيارات وباصات وتهاوي ناقلات وقاطرات، في حوادث راح ضحيتها عشرات المواطنين، والعائلات، وسقوط بضائع، وتحطُّم مركبات، وفقدان أمتعة في جبال ووهاد وشعاب وأودية.

الحرب الوحيدة في العالم التي قطعت الطريق، حرب اليمن، وانتجت قُطّاع كُثُر يستمتعون بالقطيعة والجفاء والبِعاد، لا يرقبون في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمّة.

نحن في الجنوب لم نكن سببًا فيما يحدث، هم بدأوا وما دروا كيف ينتهون، نحن فقط حمّلونا ما لا نطيق، كم أنت طيبة يا أرض الجنوب، لكَ العزَّة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى