حسابات سياسية خلف إظهار الحوثيين استعدادهم لتوقيع خارطة السلام

> صنعاء «الأيام» العرب:

>
​أعلنت جماعة الحوثي الاثنين جاهزيتها لتوقيع خارطة السلام في اليمن، ودعت التحالف العربي إلى اتخاذ خطوة مماثلة "لقطع الطريق أمام تجار الحروب"، وذلك بعد ساعات من تهديدها باستهداف الأراضي السعودية في حال سمحت الرياض باستخدام أجوائها لمرور الطائرات الأميركية والبريطانية لشن غارات على مواقع الميلشيا في اليمن.

ودعوة الحوثي التحالف العربي إلى توقيع خارطة الطريق لا تخلو من حسابات سياسية تندرج ضمن ابتزاز للسعودية، بعدما زعيم جماعة عبدالملك الحوثي عن ثلاثة اشتراطات لقبول مبادرة اتفاق خارطة الطريق لإحلال السلام في اليمن وتتمثل في الإنهاء الكامل لما وصفه بـ"الحصار والعدوان والاحتلال " وتبادل الأسرى وتعويض الأضرار".

وهي شروط نفذت الشرعية والتحالف أهمها وهو فتح المطارات والموانئ، فيما رفض الحوثيون المضي في مفاوضات الإفراج عن المعتقلين بعد دعوة الحكومة اليمنية الشرعية إطلاق سراح جميع الأسرى مقابل الجميع وهو ما رفضته الجماعة أيضا.

ومضى زعيم جماعة الحوثي في كلمة له عشية الذكرى التاسعة لانطلاق عمليات التحالف العربي في اليمن، الموافق 26 مارس 2015، متخبطا حيث اتهم كل من السعودية والإمارات بالاستمرار "في المماطلة الواضحة من استحقاقات السلام في ظل المرحلة الراهنة "مطالبا" بسرعة الانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى استحقاقات السلام إذا كانوا يريدون فعلا السلام". وفق وكالة "سبأ" التابعة للجماعة.

وأشار زعيم الحوثيين إلى أن "الخطوات الجادة تكون وفق اتفاق واضح يتضمن ما كنا نؤكده عليه في المباحثات والمفاوضات على مدى كل المراحل الماضية" وأن "استحقاقات السلام هي بإنهاء تام للحصار والعدوان والاحتلال وتبادل الأسرى وتعويض الأضرار".

ومن جانبه أكد رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، في كلمة له خلال نفس المناسبة "الحرص التام والمتجدد على المضي قدما في طريق السلام"، موضحا أن "اليمن لا يمثل خطرا على أحد، وأن كل من لديه مشكلة مع صنعاء يمكنه حلها بالحوار".

ودعا المشاط "قادة التحالف (العربي)، إلى المضي قدماً نحو إحلال السلام المستدامِ وإنهاء العدوان، وتوقيع وتنفيذ خارطةِ السلام التي تم التوصل إليها في المفاوضات برعاية سلطنة عمان وبعد جهد كبير، مؤكدا جهوزية صنعاء (الحوثي) لذلك".

وأعرب عن أمله "في أن تتمكن قيادة التحالف من قطع الطريق على تجار الحروب، وفي مقدمتهم أميركا وبريطانيا اللتان تظهران إصراراً واضحاً على إعاقة وعرقلة جهود السلام في اليمن والمنطقة"، وفق تعبيره.
ولم يصدر تعليق فوري من قبل التحالف العربي بشأن تصريح عبدالملك الحوثي ومهدي المشاط، لكنه سبق أن أكد مرارا حرصه على تحقيق السلام في اليمن.

وأظهرت السعودية خلال لقاء جمع مؤخرا بين وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان ورئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك مجدّدا اهتمامها بجهود السلام في اليمن.

وقالت وكالة الأنباء السعودية إنّه جرى خلال اللقاء بحث "الجهود القائمة لدعم سير العملية السياسية بين الأطراف اليمنية ومسار السلام لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن". كما أشار الأمير خالد عبر منصة إكس إلى أن محادثاته مع بن مبارك شملت "مساعي استكمال تنفيذ خارطة الطريق برعاية الأمم المتحدة".

ويظهر إصرار الرياض على مواصلة جهود السلام في اليمن رغم التعقيدات الكبيرة التي طرأت عليها مع انخراط جماعة الحوثي في استهداف حركة الملاحة في البحر الأحمر تحت شعار دعم قطاع غزة في الحرب الإسرائيلية ضدّه، عدم استعداد السعودية للتفريط في ما تمّ تحقيقه من تقدّم ضئيل باتجاه الحلّ السلمي في اليمن، وذلك بفضل ما أبدته المملكة من مرونة إزاء جماعة الحوثي تجلّت في دخولها في محادثات مباشرة معها وإيفاد ممثلين لها إلى صنعاء، واستقبال ممثلين للجماعة في الرياض.

ويعكس الموقف الحوثي حالة ارتباك لدى الجماعة المدعومة إيرانيا بعد أن أعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا الأسبوع الماضي، توقف خارطة الطريق للحل في اليمن، نتيجة التصعيد العسكري في جبهات القتال بالمحافظات اليمنية، وما يحدث من تحشيد وعسكرة وعمليات حوثية بالبحر الأحمر.

وتتضمن خارطة الطريق، اتفاق بين الأطراف اليمنية، على عدة ملفات، بينها استئناف تصدير النفط والغاز، وصرف مرتبات جميع موظفي البلاد، والإفراج عن المعتقلين والأسرى، ولكن المليشيا الحوثية، رفضت التوقيع في اللحظات الأخيرة، بعدما أعلنت الموافقة عليها، العام الماضي.

وتتهرب جماعة الحوثي المدعومة إيرانيا، منذ أكثر من سبع سنوات، من كل اتفاق أو مبادرات من جانب الحكومة اليمنية، والتحالف العربي، لصرف مرتبات الموظفين بمناطق سيطرتها.

وأواخر ديسمبر 2023، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج، التزام الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بمجموعة تدابير لـ"وقف شامل" لإطلاق النار في عموم البلاد، وتحسين ظروف معيشة المواطنين.

وقال مكتب جروندبرج حينها، في بيان "بعد سلسلة اجتماعات مع الأطراف في العاصمة السعودية الرياض والعاصمة عُمان مسقط، بما في ذلك رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، وكبير مفاوضي الحوثيين، محمد عبدالسلام، رحب جروندبرج بتوصل الأطراف للالتزام بمجموعة من التدابير تشمل تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن".

لكن جروندبرج قدّم، خلال إحاطة لمجلس الأمن في 15 مارس الجاري، صورة قاتمة لجهود حل الأزمة في اليمن، معتبرا أن "عملية الوساطة باتت أكثر تعقيدا"، دون تفاصيل.

ومنذ مدة تتكثّف مساعٍ إقليمية ودولية لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة في اليمن، شملت زيارات لوفدين سعودي وعماني إلى صنعاء (شمال)، وجولات خليجية للمبعوثين إلى اليمن الأمريكي تيم ليندركينج، والأممي هانس جروندبرج.
ويشهد اليمن، منذ نحو عامين، تهدئة من حرب بدأت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على محافظات ومدن بينها صنعاء منذ سبتمبر 2014.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى