العرب: صنعاء تحت حكم الحوثيين من تصعيد إلى آخر دون فرصة لالتقاط الأنفاس

> «الأيام» العرب:

> لا تقتصر تبعات الحرب التي فجّرها الحوثيون في اليمن قبل أكثر من عشر سنوات وتصعيدهم الجديد في البحر الأحمر، على تعقيد حياة السكان في المناطق الخارجة عن سيطرتهم والخاضعة لسيطرة القوى المناهضة لهم، ولكنّها تطال بقوة وعنف مركز حكمهم العاصمة اليمنية صنعاء التي أصبحت مجدّدا عرضة للقصف هذه المرّة من قبل تحالف حارس الازدهار بقيادة الولايات المتّحدة الأميركية، فيما سكانّها يعانون شحّ المواد الأساسية وغلاء أسعارها، وذلك بسبب تعطّل حركة استيراد تلك المواد بفعل تعرّض حركة الملاحة التجارية للاستهداف من قبل الحوثيين أنفسهم.

ودخلت الحرب في اليمن منذ سبتمبر الماضي عامها العاشر مخلفة الكثير من المآسي والدمار وأصبح معظم سكانه البالغ عددهم نحو 35 مليون نسمة يعتمدون بشكل رئيسي على المساعدات الخارجية في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.

وفي مارس 2015 دخلت الأحداث في اليمن منعطفا آخر بدخول تحالف عسكري تقوده المملكة العربية السعودية الحرب إلى جانب السلطة الشرعية اليمنية وحلفائها المحليين ضدّ قوات جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

ورغم بدء مسار سياسي للوصول إلى تسوية في الشهور الأخيرة، لم تستطع المحافظات الخاضعة للحوثيين، لاسيما صنعاء، التقاط أنفاسها، إذ بدأ تحالف غربي تقوده الولايات المتحدة قصف مواقع عديدة في صنعاء بصورة شبه يومية منذ يناير الماضي وذلك ردا على الهجمات التي يشنها الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر بذريعة دعم قطاع غزّة في الحرب الإسرائيلية ضدّه.

ومع قتامة المشهد العام للأوضاع في اليمن نتيجة حالة التشظي والتباين في مواقف أطراف النزاع يتزايد توق الشعب اليمني وبالأخص سكان العاصمة صنعاء إلى توقف الحرب التي حولت حياتهم إلى جحيم.

ويتذكّر بعض سكان المدينة مآسيهم جرّاء الصراع الذي دارت بعض حلقاته الدامية داخل مدينتهم وطالت نيرانه ممتلكاتهم وأرزاقهم وأودت بأرواح ذويهم.

وتستذكر الطفلة منار حمود عبدالواسع البالغة من العمر أربعة عشر عاما بحزن كيف وجدت نفسها وحيدة في الحياة بعد فقدانها لجميع أفراد أسرتها التي كانت تتكون بالإضافة إليها من أم وثلاثة أخوة إثر غارة جوية على منزلهم لتصبح في لمح البصر بلا منزل ولا أهل ولا إخوة.

وقالت منار لوكالة الأناضول عن مأساتها “كنت صغيرة حينها ولم استوعب ما حصل لكنني أتذكر لحظات إنقاذي من تحت الركام وصياحي بحثا عن أمي وأبي وإخوتي”.

وأضافت “سبع سنوات مرت منذ ذلك اليوم المشؤوم الذي فقدت فيه كامل أفراد أسرتي، شعرت حينها أن الدنيا اسودت في عينيّ وأغلقت الحياة أبوابها في وجهي”.

وتابعت “كلما اشتد الشوق واستبد بي الحنين لأسرتي أفتح الجوال وأنظر بعينين دامعتين إلى صور أبي وأمي وإخوتي وأحكي لهم سنوات العذاب بفقدهم”.

وترى المعلمة في ثانوية العدوية للبنات بصنعاء منال المؤيدي أن حياتها بسبب الحرب “صارت بلا قيمةوليس فيها ما يحفز على المضي قدما”.

وتابعت “أعيش مع زوجي الذي يعمل معلما أيضا وأطفالي الأربعة، في ضنك وبؤس شديدين بعد انقطاع رواتبنا التي كنا نعتمد عليها في تسيير شؤون حياتنا اليومية”.

وذكرت أن المعالجات الوقتية التي قدمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسيف بتخصيصها مبالغ رمزية للمعلمين من أجل الحفاظ على استمرار العملية التعليمية في المدارس الحكومية لم تجدِ نفعا.

وأفادت بأن “العملية التعليمية وصلت إلى أدنى مستوى لها، باستثناء المدارس الخاصة ومدارس البنات الحكومية التي لا زالت مستمرة لاعتمادها بشكل كبير على المساهمات المجتمعية لأولياء أمور الطالبات. أما مدارس الأولاد فمعظمها متوقفة”.

ويقول سالم ناجي أحمد من سكان حي بيت بوس جنوبي صنعاء إنه عاش المعني الحقيقي للمقولة المعروفة بأن “الحرب لا تأتي بخير”.

ويوضح سالم أنه عاش تلك المقولة “واقعا على الأرض، بعد أن حولت الحرب حياة سكان صنعاء إلى جحيم لا يطاق”، مضيفا قوله “خلال الحرب مات مئات الآلاف ودُمرت منازلنا ومدارسنا وطرقاتنا وأسواقنا، وانقطعت رواتبنا، وأصبح غالبية السكان يبحثون عمّا يسدون به جوعهم في مصبات القمامة، أو التسول في الشوارع وعلى أبواب المساجد”.

ويتابع “فقدت خمسة من عائلتي ثلاثة منهم ماتوا بسبب القصف عندما كانوا يقضون احتياجاتهم في أسواق المدينة، فيما قضى إثنان نحبهما في الجبهات”، موضّحا “ازدادت أحوالنا المعيشية صعوبة في ظل توقف العمل والاستغناء عن خدماتنا، وبتنا على باب الله في انتظار ما يتفضل به الناس علينا”.

ولعدة مرات، حذرت الأمم المتحدة عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا من حدوث مجاعة في اليمن في حال توقف المساعدات المنقذة لملايين الأرواح باليمن والذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وأوضحت منظمة اليونيسف في بيان نشرته مؤخرا أن أكثر من 18.2 مليون يمني بينهم 9.8 مليون طفل بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة.

وقالت إنّ “أكثر من 2.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، بينما يعاني 49 في المائة من الأطفال دون الخامسة من التقزم أو سوء التغذية المزمن”.

وذكرت المنظمة الدولية أنه ومنذ اندلاع الحرب “قُتل وأصيب أكثر من 11 ألف و500 طفل لأسباب مرتبطة بالنزاع”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى