> "الأيام" العرب اللندنية:

​شهدت مدينة عدن التي تتخذ منها السلطة الشرعية اليمنية عاصمة مؤقتة بسبب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء الثلاثاء إعلان تشكيل تكتل سياسي موسّع من عدد كبير من الأحزاب والقوى السياسية ليس من بينها المجلس الانتقالي الجنوبي صاحب النفوذ الأكبر في عدن ومناطق الجنوب والذي يمثّل الكيان السياسي والأمني الأبرز في تلك المناطق، وقد أحجم عن الدخول في التكتّل المذكور بسبب ارتيابه من الأهداف الحقيقية لتشكيله.

ويخشى المجلس الساعي لتأسيس دولة الجنوب المستقلّة من تشكيل كيان مواز يكون شريكا بديلا عنه للشرعية اليمنية خلال المرحلة المقبلة التي قد تكون مرحلة تمرير اتفاق سياسي مع الحوثيين بشأن حل سلمي للصراع لا يتضمّن تحقيق مطلب تأسيس الدولة المذكورة.

وأعلن ثلاثة وعشرون حزبا ومكوّنا سياسيا متعدّدة التوجهات والمشارب الفكرية والأيديولوجية من بينها حزب المؤتمر الشعبي العام وحزب التجمع اليمني للإصلاح فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن عن تأسيس “التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية” مع إقرار اللائحة التنظيمية الخاصة به واختيار القيادي في المؤتمر ورئيس مجلس الشورى اليمني أحمد بن دغر رئيسا للمجلس الأعلى للتكتل، على أن يتمّ لاحقا تدوير المنصب بين رؤساء الأحزاب المشاركة.

وجاء في بيان التأسيس التأكيد على التزام التكتل الجديد بالدستور والقوانين السارية والتمسّك بالمرجعيات المتفق عليها محليا ودوليا.

ووضع تكتّل الأحزاب “استعادة الدولة اليمنية وتوحيد القوى الوطنية في مواجهة التمرد والانقلاب” (الحوثي) ضمن أبرز أهدافه.

وتعرّض إلى ما سمّاه القضية الجنوبية التي قال في بيانه إنّ حلّها يعدّ “مفتاحا أساسيا لأيّ حل سياسي شامل وعادل”، داعيا إلى “ضرورة وضع إطار خاص بالقضية الجنوبية ضمن الحل السياسي النهائي لليمن”.

لكنّ البيان شدّد في المقابل على التزام التكتل “بالحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية مع التأكيد على سيادة واستقلال الجمهورية اليمنية وسلامة أراضيها”.

ومن شأن هذه النقطة الأخيرة أن تشكّل عامل افتراق نهائي بين التكتّل الجديد والمجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن رفضه المشاركة فيه بينما بادرت جهات مقرّبة منه إلى شنّ حملة نقد عنيفة للتكتّل منذ رواج خبر إنشائه.

وعشية عقد الاجتماع الذي أعلن خلاله عن تشكيل التكتّل الجديد أصدر المتحدّث باسم الانتقالي سالم ثابت العولقي بيانا مقتضبا عبر منصة إكس ورد فيه أن المجلس “تابع نشاط التكتل الذي يعمل عليه عدد من الأطراف لإعلانه”، وأن “المجلس الانتقالي يؤكّد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به”.

وكتب الإعلامي الجنوبي صدام عبدالله من جهته منتقدا تضمين تكتل الأحزاب لبند الحفاظ على الوحدة اليمنية ضمن أهدافه قائلا إنّه يتجاهل “الواقع المَعيش ومخرجات اتفاق الرياض وتشكيل المجلس الرئاسي الذي يعطي قضية شعب الجنوب أولوية في مفاوضات الحل الشامل”، معتبرا أن “الهدف المعلن لهذا التوجه هو محاربة الحوثي والهدف الخفي هو استهداف توجهات شعب الجنوب”.

وقال إنّ الأطراف الحزبية المشكّلة للتكتل “لا تمتلك أيّ حاضنة شعبية، وهي عبارة عن مجموعات من السياسيين الذين فرّوا من المعركة مع الحوثيين، وتجمّعوا في الخارج. فكيف لهذه الجهات التي أثبتت فشلها في مواجهة التحديات التي تواجه البلاد أن تتبنى حلولا للأزمة اليمنية”.

وكان لافتا أن تشكيل التكتّل السياسي الجديد جاء إثر اهتمام أممي وأميركي مفاجئ بدور الأحزاب في اليمن، حيث أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في أكتوبر الماضي عن شروع مكتبه في إجراء مشاورات مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني لتعزيز رؤية لعملية سلام شاملة في البلاد. وسبقت ذلك بفترة قصيرة دعوةٌ من سفير الولايات المتحدة في اليمن ستيفن فاجن الأحزاب والمجموعات السياسية في اليمن إلى نبذ خلافاتها وإيجاد إطار لتطوير التنسيق والتعاون في ما بينها.

وقد جاء التكتّل الجديد بمثابة استجابة آلية لإيجاد الإطار الذي طالب به السفير فاجن.