لبنان، جوهرة الشرق الأوسط، والتي قال عنها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل: «إنها نافذة زجاجية معشقة وملونة في جدار عربي، وإذا خُرق هذا الجدار، وقع هذا الزجاج الجميل بين الجدار والنافذة. المشكلة أن أصحابها يمكن أن يدمروا هذه النافذة».
يدفع لبنان ثمن موقعه الاستراتيجي في الماضي والحاضر وثمن موقفه من القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. هذا الموقف، الذي تبناه لبنان منذ عقود، جعله عرضة للعدوان المستمر من القوى المعادية. ودارت على أرضه حرب أهلية لأكثر من 15 عامًا، كانت تقف خلفها قوى محلية وإقليمية ودولية، وفي المقدمة الكيان الصهيوني، التي لا يريد للبنان أن يستقر ويزدهر بعد أن كان منارة للعلم والثقافة والصحافة والتنوير.
اليوم، يُعاد لبنان إلى دوامة العنف والدمار، حيث يعاني من عدوان عسكري غير مسبوق، ويواجه تحديات أكبر من أي وقت مضى بسبب هذا الموقع المميز في خريطة الصراع الإقليمي.
تبدأ اليوم حملة جديدة من الصراع بسبب موقف لبنان من حرب الإبادة في غزة، واعتقاد الكيان الصهيوني أنه إذا هُزمت المقاومة اللبنانية، وفي مقدمتها حزب الله، فإن ذلك يعتبر هزيمة لغزة الصمود، التي سجلت أروع البطولات في تاريخ العرب وتاريخ الحروب والشعوب فمعركة الاحتلال الاسرائيلي مع الشعبين الفلسطيني واللبناني.
وقد تسببت هذه الحرب على لبنان، التي دارت رحاها منذ شهرين، في سقوط 3558 شهيداً و15123 جريحاً في مقدمتهم الشهيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وتهجير مئات الآلاف من المواطنين اللبنانيين من مدنهم.
تلك الصواريخ، التي تنهال على لبنان يوميًا منذ ما يقارب الشهرين، تكشف عن الأهداف القديمة الجديدة التي تسعى تل أبيب إلى تحقيقها، وأهمها إضعاف لبنان وشل قدرته على التأثير في القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. فإسرائيل، التي تستمر في تهديد استقرار لبنان، تدرك أن لبنان كان ولا يزال يشكل نقطة ارتكاز رئيسية في المقاومة ضد الاحتلال، سواء في فلسطين أو في أي مكان آخر.
المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى..
نعم للسلام.. لا للحرب