بينما تتصاعد المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، تتزايد المخاوف من تحوّل التصعيد إلى صراع إقليمي شامل. دعوات ضبط النفس الصادرة عن الأمم المتحدة وقوى دولية لم توقف دوامة الضربات، ويبدو أن الصراع يقترب من نقطة اللاعودة. فماذا لو انفجر الوضع على نطاق أوسع؟ وما السيناريوهات الأسوأ التي قد تنتج عن ذلك؟

1 - تورط أمريكي مباشر
رغم نفي واشنطن دعم الهجمات الإسرائيلية، ترى طهران أن الولايات المتحدة ضالعة ضمنيًا. وإذا استُهدفت قوات أمريكية أو قُتل مدني أمريكي -سواء في تل أبيب أو في قواعد الشرق الأوسط- قد يجد الرئيس ترامب نفسه مجبرًا على الرد، تحت ضغط داخلي وجمهوري.

تمتلك أمريكا وحدها القنابل الخارقة للتحصينات اللازمة لضرب منشآت نووية إيرانية مثل فوردو، ورغم تعهد ترامب بعدم خوض حروب جديدة، فإن دعوات تغيير النظام في طهران لا تزال حيّة في دوائر صنع القرار، ما قد يفتح الباب أمام تدخل أمريكي واسع ستكون له تبعات استراتيجية خطيرة.

2 - نقل الصراع إلى الخليج
إذا فشلت إيران في ضرب أهداف إسرائيلية حيوية، فقد تتجه إلى مهاجمة منشآت نفطية وبُنى تحتية خليجية تعتبرها جزءًا من المعسكر المعادي. دول كمثل السعودية والإمارات والبحرين تستضيف قواعد أمريكية، وبعضها شارك في صد هجمات إيرانية سابقة.

استهداف الخليج سيستدعي تدخلاً عسكريًا أمريكيًا لحماية الحلفاء، وسيوسع دائرة الحرب لتشمل ممرات الطاقة في واحدة من أكثر المناطق حساسية في العالم.

3 - فشل تدمير القدرات النووية الإيرانية
حتى في حال نجاح إسرائيل في ضرب بعض المواقع النووية، فإن امتلاك إيران نحو 400 كلغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 %، المخزّن على الأرجح في مواقع سرية عميقة، يجعل من الصعب القضاء الكامل على برنامجها النووي.

أسوأ ما قد يحدث هو أن تستنتج طهران أن السبيل الوحيد للردع هو الإسراع في تطوير سلاح نووي. ومع احتمال صعود قيادات عسكرية أكثر تشددًا بعد اغتيال بعض الجنرالات، قد يتحول التصعيد إلى نمط دائم من الضربات والردود، في دوامة يعرفها الإسرائيليون باسم "جزّ العشب".

4 - صدمة اقتصادية عالمية
النفط يشهد ارتفاعًا مستمرًا، لكن الأسوأ قد يأتي إذا أقدمت إيران على إغلاق مضيق هرمز، أو إذا كثّف الحوثيون هجماتهم على الملاحة في البحر الأحمر. معطّلان رئيسيان في تصدير النفط قد يؤديان إلى تضخم عالمي حاد، وسط أزمة معيشية قائمة أصلاً.

والمفارقة أن المستفيد الأكبر من هذه الفوضى قد يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي سيجني مليارات الدولارات من ارتفاع أسعار الطاقة لتمويل حربه في أوكرانيا، بينما تُصاب الاقتصادات الغربية بالمزيد من الضعف.

5 - سقوط النظام الإيراني وما بعده
إذا تحقق الهدف الإسرائيلي المعلن بتقويض النظام الإيراني، تبقى الأسئلة الكبرى: من سيملأ الفراغ؟ وهل البديل أكثر استقرارًا؟ تجارب العراق وليبيا تؤكد أن إسقاط الحكم المركزي القوي لا يُنتج بالضرورة واقعًا أفضل، بل فوضى وأطرافًا متنازعة.

في إيران، حيث الحرس الثوري يشكل العمود الفقري للنظام، فإن انهياره قد يؤدي إلى اقتتال داخلي، وربما إلى تفكك الدولة المركزية، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات على الجغرافيا السياسية للمنطقة بأكملها.

خاتمة.. حدود النار
في لحظة متوترة كهذه، لا يمكن لأي طرف أن يضمن ضبط وتيرة التصعيد. الخطر الأكبر لا يكمن فقط في الضربات المتبادلة، بل في سوء التقدير، أو في مغامرة محسوبة تخرج عن السيطرة.

ما سيتحدد خلال الأيام المقبلة، هو ما إذا كانت هذه الحرب ستظل محدودة النطاق، أم أنها ستكون الشرارة التي تشعل شرقًا أوسط جديدًا، تحكمه فوضى لا يمكن احتواؤها.