> طهران "الأيام" العرب اللندنية:

​لا يستبعد أن يغامر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإعطاء أوامر لتصفية المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي دون التفكير في ما يحدث من نتائج، وهو يرى أن الأمر لن يخرج عن سياق قرارات سابقة بتصفية شخصيات بارزة مثل الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله أو زعيم حماس إسماعيل هنية دون أن تحدث ردات فعل غير متوقعة.

ومن المرجّح أن تقود هذه المغامرة إلى توريط الولايات المتحدة في وضع معقد يهدد مصالحها ويجرها إلى الحرب، وهو ما لا تريده واشنطن بالرغم من تلميح الرئيس دونالد ترامب إلى ذلك مرارا ويلقى تحذيرات كثيرة من خطر هذه الخطوة، وكان آخرها التحذير الروسي.

لكن مراقبين يرون أن الأمر يختلف، فنصرالله أو هنية عنصران يعمل تحت إمرة وبأوامر من خامنئي نفسه، لكن إيران لن تقبل بتصفية المرشد لرمزيته الدينية وخاصة نفوذه على المؤسسات القيادية التي يتم تشكيلها من موالين له، ومقتله سيجعل من الصعب على أيّ شخصية أخرى أن تديرها وتسيطر عليها وتوجهها، ما يفتح الباب أمام الفوضى في القرار السياسي والعسكري واستحالة وجود جهة يمكن التفاوض معها على التهدئة.

ويمكن أن تنفذ إسرائيل تهديداتها، لكن المنطقة ككل ستواجه حالة من الفوضى يصعب السيطرة عليها حتى لو تم تفكيك المؤسسات العسكرية في طهران أو ضرب المنشآت النووية، لأن التحركات ستكون محكومة بالانتقام واستدعاء خطاب المظلومية الشيعي ما قد يدفع إلى تنفيذ عمليات انتقامية في مناطق كثيرة سواء أكان لها دور مباشر في الحرب أم لا، وسيكون الضرر الأكبر موجها إلى مصالح الولايات المتحدة.

واعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الخميس أنه “لا يمكن السماح ببقاء” خامنئي، وذلك بعد أيام من تقارير أفادت عن رفض الولايات المتحدة مخططا إسرائيليا لاغتياله.

وقال كاتس في تصريح لصحافيين في مدينة حولون قرب تل أبيب بعد إصابة مستشفى في مدينة بئر السبع جنوبا في هجوم إيراني، “وجود نظام مثل نظام خامنئي أمر خطر جدا، إذ تهدف أيديولوجيته إلى تدمير إسرائيل، وهو يستثمر جميع موارد دولته باستمرار لتحقيق مثل هذا الهدف.” وأضاف “لا يمكن السماح لمثل هذا الشخص بالبقاء.”

صحيح أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال “نحن نعلم” أين “يختبئ” خامنئي، غير أن تبعات الإطاحة بالمرشد الأعلى بعد حكم امتدّ أكثر من ثلاثة عقود ونصف العقد محفوفة بالمخاطر والضبابية داخل إيران وفي محيطها الإقليمي، الذي يعارض بشدة توسيع دائرة الحرب.

ويشير محللون إلى أن مقتل خامنئي سيحرر أذرع إيران المختلفة من أوامر تدعوها إلى التهدئة والاختباء إلى حين مرور العاصفة، وهي أوامر صادرة من محيط المرشد الذي يؤمن بأن إيران قادرة على إعادة إحياء أدواتها وقدراتها بعد الحرب واسترجاع نفوذها الإقليمي.

وعكس هذه المخاوف تحذير المرجع الشيعي علي السيستاني من أن التهديد باستهداف القيادة الإيرانية العليا ينذر بحدوث “فوضى عارمة” في المنطقة. وبالتأكيد، فإن ما يقوله السيستاني ليس انطباعا ولا موقفا عرضيا يمكن تجاوزه، فهو أقرب إلى الفتوى التي تحرض على ردة فعل قوية في حال تصفية خامنئي.

وضمن هذا السياق، حذر أكرم الكعبي الأمين العام لميليشيا حركة النجباء العراقية ترامب قائلا “إن لمستم شعرة من الإمام الخامنئي  (…) لن يسلم منكم عسكري أو دبلوماسي بل كل من يحمل جنسيتكم  في منطقتنا وكل مصالحكم المباشرة وغير المباشرة ستكون أهدافا مشروعة.”

ويشير خبراء إلى أن الإطاحة بخامنئي وحاشيته قد تحدث فراغا من الممكن أن يسدّه عناصر متشدّدون من الحرس الثوري أو القوّات المسلّحة.

ولفت توماس جونو الأستاذ المحاضر في جامعة أوتاوا إلى أن “البديل الوحيد، وهو للأسف من السيناريوهات المثيرة للقلق، هو انقلاب ينفّذه الحرس الثوري أو الانتقال من ثيوقراطية إلى دكتاتورية عسكرية.”

ويحذّر الخبراء من عامل غالبا ما يتمّ التغاضي عنه قد يزيد من انعدام الاستقرار مستقبلا في البلد، وهو التركيبة الإثنية المعقّدة في إيران حيث تتعايش أقلّيات كبيرة من الأكراد والعرب والبلوش والترك مع الغالبية الفارسية.

كما حذّر محلّلون من مركز صوفان البحثي في الولايات المتحدة من سيناريو مشابه لما حصل في العراق يلوح في إيران في ظلّ اعتبار بقاء النظام الحالي “فشلا إستراتيجيا”.

وقال هؤلاء “لا يزال من الصعب استشراف ما قد يحصل بعد تغيير النظام، لكن التغيير قد يؤدّي إلى اضطرابات إقليمية على نطاق أوسع من العراق لها ارتدادات عالمية.”

وإلى حد الآن لا يبدو أن إدارة ترامب واعية بخطر مغامرة حليفها نتنياهو ومخاطرها، ما جعل دول الإقليم تتحرك على أكثر من مستوى للمطالبة بالحوار والتهدئة، وانضمت روسيا إلى هذا المسار.

وحذّرت روسيا الخميس الولايات المتحدة من التدخل عسكريا ضد إيران وسط تكهنات عمّا إذا كانت واشنطن ستدخل الحرب إلى جانب إسرائيل.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا خلال مؤتمر صحفي في مدينة سان بطرسبورغ “نود أن نحذّر واشنطن خصوصا من التدخل عسكريا في الوضع إذ سيكون خطوة خطرة للغاية ذات عواقب سلبية لا يمكن توقعها.”